كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 7)

ومن محاسن الهبة أنها من صفات الكمال، فإن الله - سبحانه وتعالى - وصف نفسه بها بقوله: {أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ العَزِيزِ الوَهَّابِ} والبشر إذا باشرها فقد اكتسب من أشرف الصفات لما فيها من استعمال الكرم، وإزالة شح النفس، وإدخال السرور في قلب الموهوب له، وإيثار المحبة والمودة بينهما وإزالة الضغينة، والحسد، ولهذا من باشرها كان من المفلحين، قال - سبحانه وتعالى -: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} .
ولما فيها من التوسعة على الغير، والفضل فيها يتبت فيما قصد به وجه الله، وقال الفضل بن سهل: ما استرضي الغضبان، ولا استعطف السلطان، ولا سلت السخائم، ولا دفعت المغارم، ولا استميل المحبوب، ولا توقي المحذور بمثل الهدية.
وقال بعضهم: يفرح بالهدية خمسة: المهدي إذا وفق للفضل، والمهدي إليه إذا كان أهلاً لذلك، والحمال إذا حملها، والملكان إذ يكتبان الحسنات، وفي المثال إذا قدمت من سفر فأهد إلى أهلك ولو حجرًا.
ويشترط في المال الموهوب أن يكون موجودًا مقدروًا على تسليمه، فلا تصح هبة المعدوم، كما لو وهب ما تحم لأمته، أو شجرته، ولا تصح هبة ما لا يقدر على تسليمه كىبق وشارد، وأن يكون المال الموهوب غير واجب على مملكه، فلا تسمى نفقة الزوجة والقريب ونحوهما هبة؛ لوجوبها.
ولابد أن يكون التمليك منجزًا في الحياة لتخرج الوصية، وأن التمليك بلا عوض، فإن كان بعوض فبيع.
بما يعد هبة عرفًا من قول أو فعل كالمعطاة، والهبة، والصدقة، والهدية، والعطية معانيها متقاربة، وكلها تمليك في

الصفحة 6