كتاب الأسئلة والأجوبة الفقهية (اسم الجزء: 7)

فصل
ويسن لمن ترك خيرًا، وهو المال الكثير أن يوصي بالخمس، روي عن أبي بكر وعلي -رضي الله عنهما-، قال أبو بكر: رضيت بما رضي الله به - سبحانه وتعالى - لنفسه، يعني في قوله - سبحانه وتعالى -: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} وعمر بالربع، قال قتادة: والخمس أحب إلي، وقال الموفق وغيره: هو أفضل للغني، وقال الوزير: أجمعوا على أنه إنما يستحب للموصي أن يوصي بدون الثلث مع إجازتهم له عملاً بإطلاق النصوص.
وقال بعضهم: إن كان له مال كثير، فإن كانت ورثته فقراء فالأفضل أن يوصي بما دون الثلث ويترك المال لورثته؛ لأن غنية الورثة تحصل بما زاد على الثلث إذا كان المال كثيرًا ولا تحصل عند قلته والوصية بالخمس أفضل من الوصية بالربع والوصية بالربع أفضل من الوصية بالثلث.
لما روي عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أوصي بالثلث، ومن أوصى بالثلث لم يترك شيئًا من حقه لورثته؛ لأن الثلث حقه.
وروي عن أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - أنهم قالوا: الخمس اقتصاد والربع جهد مقدمًا أولاً القريب الفقير الذي لا يرث؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - كتب الوصية للوالدين والأقربين فخرج منهم الوارثون، بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا وصية لوارث» ، وبقي سائر الأقارب على الوصية لهم، وأقل ذلك الاستحباب.
لأن الصدقة عليهم في الحياة أفضل، فكذا بعد الموت، وإن لم يكن له قريب فقير وترك خيرًا، فالمستحب أن يوصي لمسكين وعاجز فقير، وصاحب دين فقير، وابن سبيل وغاز.
وتكره وصية لفقير إن كان له ورثة محاويج؛ لقوله –عليه
الصلاة والسلام-: «إنك إن تترك ورثتك أغنياء، خير من أن تدعهم

الصفحة 86