كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 7)

فأنزل الله في شأنه: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين} الآية (¬١). (٤/ ٦٨٢)

٢٠٠٦٩ - عن إسماعيل السدي -من طريق أسباط- في قوله: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله}، قال: بما أوحى الله إليك، نزلت في طعمة بن أبيرق، استودعه رجل من اليهود درعًا، فانطلق بها إلى داره، فحفر لها اليهودي، ثم دفنها، فخالف إليها طعمة، فاحتفر عنها، فأخذها، فلما جاء اليهودي يطلب درعه كافره عنها، فانطلق إلى أناس من اليهود من عشيرته، فقال: انطلقوا معي؛ فإنِّي أعرف موضع الدرع. فلما علم به طعمةُ أخذ الدرع، فألقاها في دار أبي مُلَيْل الأنصاري، فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم تقدر عليها، وقع به طعمة وأناس من قومه فسَبُّوه، قال: أتُخَوِّنُونَنِي؟! فانطلقوا يطلبونها في داره، فأشرفوا على دار أبي مُلَيْل فإذا هم بالدرع، وقال طعمة: أخذها أبو مُلَيْل. وجادلت الأنصار دون طعمة، وقال لهم: انطلقوا معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقولوا له ينضح عني، ويكذب حجة اليهودي، فإني إن أُكَذَّب كَذَب على أهل المدينة اليهوديُّ. فأتاه أناس من الأنصار، فقالوا: يا رسول الله، جادل عن طعمة، وأكذِب اليهودي. فهَمَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل؛ فأنزل الله عليه: {ولا تكن للخائنين خصيما} إلى قوله: {أثيما}. ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه، فقال: {يستخفون من الناس} إلى قوله: {وكيلا}. ثم دعا إلى التوبة، فقال: {ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه} إلى قوله: {رحيما}. ثم ذكر قوله حين قال: أخذها أبو مُلَيْل، فقال: {ومن يكسب إثما} إلى قوله: {مبينا}. ثم ذكر الأنصار وإتيانها إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه، فقال: {لهمت طائفة منهم أن يضلوك}. ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة، فقال: {لا خير في كثير من نجواهم}. فلما فضح الله طعمة بالمدينة بالقرآن هرب، حتى أتى مكة، فكفر بعد إسلامه، ونزل على الحجاج بن عِلاطٍ السُّلَمِيِّ، فنقب بيت الحجاج، فأراد أن يسرقه، فسمع الحجاج خَشْخَشَتَه في بيته، وقَعْقَعَة جلود كانت عنده، فنظر، فإذا هو بطعمة، فقال: ضيفي وابن عمي! فأردت أن تسرقني! فأخرجه، فمات بحَرَّة بني سُلَيم كافرًا، وأنزل الله فيه: {ومن يشاقق الرسول} إلى: {وساءت مصيرا} (¬٢). (٤/ ٦٨٥)
---------------
(¬١) أخرجه ابن جرير ٧/ ٤٦٢ - ٤٦٣. وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد، وابن المنذر.
(¬٢) أخرجه ابن جرير ٧/ ٤٦٦ - ٤٦٧، وابن أبي حاتم ٤/ ١٠٦٣، ١٠٦٦.

الصفحة 59