كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 7)

فإذا كان رِشوةً عن دينكم فلا تأخُذوه، ولن تَتْرُكُوه، يَمْنَعُكم مِن ذلك الفقر والمخافة، إنّ بني مرحٍ قد جاءوا، وإن رَحى الإسلام ستدورُ، فحيثُما دارَ القرآنُ فدُوروا به، إنّه يوشِكُ السلطانُ والقرآنُ أن يَقْتَتِلا ويَتَفرَّقا، إنه سيكونُ عليكم ولاةٌ يحكُمون لكم بحكمٍ ولهم بغيره، فإن أطَعْتُموهم أضَلُّوكم، وإن عَصَيْتُموهم قَتَلوكم». قالوا: يا رسول الله، فكيف بنا إن أدْركنا ذلك؟ قال: «تكونوا كأصحاب عيسى؛ نُشِروا بالمناشير، ورُفِعوا على الخُشُب؛ مَوْتٌ في طاعةٍ خيرٌ من حياةٍ في معصية، إنّ أولَ ما كان نَقْصٌ في بني إسرائيل أنهم كانوا يأمُرون بالمعروف ويَنْهَونَ عن المنكر شِبْه التعذير، فكان أحدُهم إذا لَقِي صاحبَه الذي كان يَعِيبُ عليه آكَلَه وشارَبَه، كأنه لم يَعِبْ عليه شيئًا، فلَعَنهم الله على لسان نبيهم داود وعيسى ابن مريم، {ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}. والذي نفسي بيده، لتَأْمُرُنَّ بالمعروف، ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو لَيُسَلِّطَنَّ الله عليكم شرارَكم، ثم لَيَدْعُوَنَّ خِيارُكم فلا يُستجابُ لهم. والذي نفسي بيده، لتَأْمُرُنَّ بالمعروف، ولَتَنْهُنَّ عن المنكر، ولَتأخُذُنَّ على يد الظالم فلَتأطِرُنَّه عليه أطْرًا، أو ليَضْرِبَنَّ الله قلوبَ بعضكم ببعض» (¬١). (٥/ ٣٩٦)

٢٣١٤٣ - عن ابن أبْزى، عن أبيه، قال: خطَب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فحَمِد الله، وأثنى عليه، وذكَر طوائفَ من المسلمين فأثنى عليهم خيرًا، ثم قال: «ما بالُ أقوامٍ لا يُعَلِّمون جيرانَهم، ولا يُفَقِّهونهم، ولا يُفَطِّنونهم، ولا يأمُرُونهم، ولا يَنْهَونهم؟! وما بالُ أقوامٍ لا يَتَعلَّمون مِن جيرانِهم، ولا يَتَفقَّهون، ولا يَتَفَطَّنون؟! والذي نفسي بيده، ليُعَلِّمُنَّ جيرانهم، ولَيُفقِّهُنَّهم، وليُفطِّنُنَّهم، وليأمُرُنَّهم، ولينهَوُنَّهم. وليتعَلمَنَّ قومٌ من جيرانِهم، وليَتَفَقَّهُنَّ، وليتَفَطَّنُنَّ، أو لأُعاجِلَنَّهم بالعقوبة في دار الدنيا». ثم نزَل فدخَل بيته، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينَهم: مَن يعني بهذا الكلام؟ قالوا: ما نعلم يعني بهذا الكلام إلا الأشْعريِّين، إنّ الأشْعريين فقهاءُ علماءُ، ولهم جيرانٌ مِن أهل المياه
---------------
(¬١) عزاه السيوطي إلى عبد بن حميد.
وأخرجه الطبراني في الكبير ٢٠/ ٩٠ (١٧٢)، وأبو نعيم في الحلية ٥/ ١٦٥، كلاهما مختصرًا دون ذكر الشاهد، من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن الوضين بن عطاء، عن يزيد بن مرثد، عن معاذ بن جبل به.
قال أبو نعيم: «غريب من حديث معاذ». وقال الهيثمي في المجمع ٥/ ٢٢٧ - ٢٢٨ (٩١٥٣): «يزيد بن مرثد لم يسمع من معاذ، والوضين بن عطاء وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات». وقال البوصيري في إتحاف الخيرة ٨/ ٩٨ (٧٥٧١): «رواه إسحاق بن راهويه، عن سويد بن عبد العزيز الدمشقي، وهو ضعيف، ورواه أحمد ابن منيع، ورواته ثقات، ولفظهما واحد».

الصفحة 715