كتاب وفيات الأعيان (اسم الجزء: 7)

قال: ومنهم شهاب الدين محمود الحارمي، وهو خال صلاح الدين، وكل واحد من هؤلاء يخطبها لنفسه، وقد جمع ليغالب عليها، فأرسل العاضد صاحب مصر إلى صلاح الدين، وأمره بالحضور في قصره ليخلع عليه خلع الوزارة ويوليه الأمر بعد عمه، وكان الذي حمل العاضد على ذلك ضعف صلاح الدين، فإنه ظن أنه إذا ولي صلاح الدين وليس له عسكر ولا رجال كان في ولايته مستضعفاً يحكم عليه ولا يجسر على المخالفة، وأنه يضع على العسكر الشامي من يستميلهم إليه، فإذا صار معه البعض أخرج الباقين، وتعود البلاد إليه، وعنده من العساكر الشامية من يحميها من الفرنج ونور الدين، والقصة مشهورة، أردت عمراً وأراد الله خارجة " - قلت: هذا المثل مشهور بين العلماء وسيأتي الكلام عليه بعد الفراغ من هذه الترجمة إن شاء الله تعالى -.
عدنا إلى تمام الكلام الأول:
" فامتنع (1) صلاح الدين وضعفت نفسه عن هذا المقتم فألزمه وأخذ كارهاً، إن الله ليعجب من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل. فلما حضر في القصر خلع عليه خلع الوزارة: الجبة والعمامة وغيرهما، ولقب الملك الناصر وعاد إلى دار أسد الدين فأقام بها، ولم يلتفت إليه أحد من أؤلئك الأمراء الذين يريدون الأمر لأنفسهم ولا خدموه، وكان الفقيه ضياء الدين عيسى الهكاري معه " - قلت: وقد سبق ذكره في ترجمة مفردة (2) - قال ابن الأثير: - فسعى مع سيف الدين علي بن أحمد حتى أماله إليه، وقال له: إن هذا الأمر لا يصل إليك مع وجود عين الدولة والحارمي وابن تليل، فمال إلى صلاح الدين. ثم قصد شهاب الدين الحارمي وقال له: إن هذا صلاح الدين هو ابن أختك وملكه لك، وقد استقام الأمر له، فلا تكن أول من يسعى في إخراجه عنه، ولا يصل إليك، ولم يزل به حتى أحضره أيضاً عنده وحلفه له؛ ثم عدل إلى
__________
(1) النقل مستمر عن التاريخ الأتابكي: 142.
(2) انظر ج 3: 497.

الصفحة 154