كتاب وفيات الأعيان (اسم الجزء: 7)

ثم إن الوزير المذكور شرع في تحصين داره ودور غلمانه بالدروب والحرس والسلاح والعدد، وعمرت ناحيته بالأسواق وأصناف ما يباع من الأمتعة ومن المطعوم والمشروب والملبوس. ويقال إن داره كانت بالقاهرة في موضع مدرسة الوزير صفي الدين أبي محمد عبد الله بن علي المعروف بابن شكر المختصة بالطائفة المالكية، وإن (1) الحارة المعروفة بالوزيرية التي بالقاهرة داخل باب سعادة منسوبة إلى أصحابه، لأنهم كانوا يسكنونها.
وكان الوزير أبو الفضل ابن الفرات المقدم ذكره يغدو إليه ويروح ويعرض عليه محاسبات القوم الذين يريد محاسبتهم ويعول عليه فيها ويجلس معه في مجلسه وربما حبسه لمؤاكلته فيأكل معه بعد أن جرى عليه منه ما سبق ذكره.
وكانت هيبته عظيمة وجوده وافراً، وأكثر الشعراء من مدائحه. ولقد نظرت في ديوان أبي حامد أحمد بن محمد الأنطاكي المنبوز بأبي الرقعمق الشاعر - المقدم ذكره (2) - فوجدت أكثر مديحه في الوزير المذكور، والقصيدة التي نقلت بعضها في ترجمته مدح بها الوزير المذكور. ورأيت في تاريخ الأمير المختار عز الملك محمد بن أبي القاسم المعروف بالمسبحي - المقدم ذكره (3) - فضلاً طويلاً يتعلق بشرح حال الوزير المذكور، معظم ما ذكرته ها هنا نقلته منه.
وصنف الوزير المذكور كتاباً في الفقه مما سمعه من المعز وولده العزيز، وجلس في شهر رمضان سنة تسعة وستين وثلثمائة مجلساً حضره العام والخاص وقرأ فيه الكتاب بنفسه على الناس، وحضر هذا المجلس الوزير أبو الفضل ابن الفرات المذكور، وجلس في الجامع العتيق جماعة يفتون الناس من هذا الكتاب.
وسمعت من جماعة من المصريين يقولون: إن الوزير المذكور كانت
__________
(1) عودة إلى خط المؤلف.
(2) ج 1: 131.
(3) ج 4: 377.

الصفحة 30