كتاب وفيات الأعيان (اسم الجزء: 7)

معان مبتكرة، يقصد الشعر ويعمل المقاطيع، وجمع من شعره كتاباً مختصراً سماه مغاني المعاني ومدح الخلفاء، وكانت له منزلة لطيفة عند الإمام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد خليفة العصر ذلك الوقت " (1) .
قلت: وكانت أخباره في حياته متواصلة إلينا وأشعاره تنقلها الرواة عنه، ويحكون وقائعه وما جراياته وما ينظم في ذلك من الأشعار الرائقة والمعاني البديعة، ولم تتفق لي رؤيته مع المجاورة وقرب الدار من الدار، لأنه كان ببغداد ونحن بمدينة إربل، وهما متجاورتان، لكن لكثرة اطلاعي على أخباره وما يتفق له من النظم المنقول عنه في وقته كأني كنت معاشره، وما زلت مشغوفاً بشعره مستعذباً أسلوبه فيه. واجتمعت بخلق كثير من أصحابه والناقلين عنه، منهم صاحبنا الشيخ عفيف الدين أبو الحسن علي بن عدلان المعروف بالمترجم الموصلي، فإنه أنشدني له شيئاً كثيراً، فمن ذلك قوله (2) :
كلفت بعلم المنجنيق ورميه ... لهدم الصياصي وافتتاح المرابط
وعدت إلى نظم القريض لشقوتي ... فلم أخل في الحالين من قصد حائط وأنشدني عنه أيضاً وذكر أنه لم يسبق إليه (3) :
لا تكن واثقاً بمن كظم الغي ... ظ اغتيالاً وخف غرار الغرور
فالظبا المرهفات أقتل (4) ما كا ... نت إذا غاض ماؤها في الصدور وأنشدني له أيضاً في جارية سوداء كان يهواها، وهي حبشية:
وجارية من بنات الحبوش ... بذات (5) جفون صحاح مراض
تعشقتها للتصابي فشبت ... غراماً ولم أك بالشيب راض
وكنت أعيّرها بالسواد ... فصارت تعيرني بالبياض
__________
(1) هنا ينتهي النقل مؤقتاً عن ابن الشعار.
(2) ابن الشعار 10: 149 ورواية البيت الأول:
كلفت بعلم المنجنيق فلم أزل ... أحث ركابي بين ناء وشاحط (3) ابن الشعار 10: 149.
(4) ابن الشعار: أقطع.
(5) كذا في المسودة والمختار.

الصفحة 37