كتاب وفيات الأعيان (اسم الجزء: 7)

دينار، فامتنع محمود من بيعها لأنه كان يهواها أيضاً، فلما مات محمود اشتريت الجارية للمعتصم من تركته بسبعمائة دينار، فلما دخلت عليه قال لها: كيف رأيت تركتك حتى اشتريتك من سبعة آلاف بسبعمائة، قالت: أجل إذا كان الخليفة ينتظر لشهواته (1) المواريث، فإن سبعين ديناراً لكثيرة في ثمني فضلاً عن سبعمائة، فخجل المعتصم من كلامها.
وقال ابن المزرع: حدثني من رأى قبراً بالشام عليه مكتوب: لا يغترن أحد بالدنيا فإني ابن من كان يطلق الريح إذا شاء ويحبسها إذا شاء، وبحذائه قبر عليه مكتوب: كذب الماص بظر أمه، لا يظن أحد أنه ابن سليمان بن داود عليهما السلام، إنما هو ابن حداد يجمع الريح في الزق ثم ينفخ بها الجمر، قال: فما رأيت قبلها قبرين يتشاتمان، والله أعلم.
لابن المزروع أخبار وحكايات ونوادر، ولسنا نقصد الإطالة بل الإيجاز حسب الإمكان إلا أن ينتشر الكلام.
(374) وكان له ولد، يدعى أبا نضلة مهلهل بن يموت بن المزرع (2) ، وكان شاعراً مجيداً، ذكره المسعودي في كتاب - مروج الذهب ومعادن الجوهر - فقال في حقه (3) : هو من شعراء هذا الزمان، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة، وفيه يقول أبوه مخاطباً له:
مهلهل قد حلبت شطور دهري ... وكافحني بها الزمن العنوت
وحاربت الرجال بكل ريع ... فأذعن لي الحثالة والرتوت
فأوجع ما أُجنّ عليه فلبي ... كريمٌ غنته زمن غتوت
كفى حزناً بضيعة ذي قديم ... وأبناء العبيد لها البخوت
__________
(1) المختار: بشهواته.
(2) ترجمته في تاريخ بغداد 13: 273 وله شعر في الديارات، وانظر مقدمة رسالته في سرقات أبي نواس (القاهرة - دار الفكر العربي) .
(3) مروج الذهب 4: 197.

الصفحة 57