كتاب وفيات الأعيان (اسم الجزء: 7)

وقال عبد الملك بن عبد الحميد من أبيات (1) :
الماء في دار عثمان له ثمن ... والخبز فيها له شأن من الشان
عثمان يعلم أن الحمد ذو ثمن ... لكنه يشتهي حمداً بمجان
والناس أكيس من أن يحمدوا أحداً ... حتى يروا عنده آثار إحسان ومن كتاب " بهجة المجالس " أيضاً قال الرياشي: خرج الناس بالبصرة ينظرون هلال شهر رمضان، فرآه رجلٌ واحد منهم، ولم يزل يومئ إليه حتى رآه معه غيره وعاينوه، فلما كان هلال الفطر جاز الجماز صاحب النوادر إلى ذلك الرجل، فدّق عليه الباب فقال: قم أخرجنا مما أدخلتنا فيه.
قلت: وهذا الجماز هو أبو عبد الله محمد بن عمرو بن حماد بن عطاء ابن ريان، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وهو ابن أخت سلم الخاسر؛ قال السمعاني في حقه: كان خبيث اللسان حسن النادرة، وكان أكبر من أبي نواس، وقيل في نسبه غير ذلك، والجماز لقبه، وهو بفتح الجيم وتشديد الميم وبعد الألف زاي. فمن نوادره أنه قال: أصبحت في يوم مطير، فقالت لي امرأتي: أي شيء يطيب في هذا اليوم فقلت لها: الطلاق، فسكتت عني. ودخل يوماً بعض إخوانه وقد طبخ وغرف الطعام، فقال الداخل: سبحان الله ما أعجب أسباب الرزق! فقال الجماز؛ الحرمان والله أعجب منه، امرأته طالق إن ذقته. وقال له السروي الشاعر: ولدت امرأتي البارحة ولداً كأنه دينار منقوش، فقال له الجماز: لاعن أمه. وللجماز شعر أيضاً ذكره في كتاب " الورقة "، فمن ذلك ما كتبه إلى صاحب له، وكان يلازم الجامع ثم انقطع عنه:
هجرت المسجد الجامع والهجر له ريبه ...
__________
(1) ورد منها في النفح (3: 580) بيتان نسبهما إلى الأمير القاسم الأموي يقولهما في أخيه عثمان، وكذلك قال ابن حيان في المقتبس: 201 (تحقيق مكي) وقال ابن الأيار: وهو غلط لا خفاء به وإنما البيتان من قطعة لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي أنشدهما ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس.

الصفحة 70