كتاب وفيات الأعيان (اسم الجزء: 7)

وكان كلما نظر إلى نفسه على تلك الحال من الضعف والعجز عن القيام والقعود والصلاة وسائر الحركات، ينشد:
من يتمن العمر فليدرع ... صبراً على فقد أحبائه
ومن يعمر يسر في نفسه ... ما يتمناه لأعدائه ثم وجدت هذين البيتين للظهير أبي إسحاق إبراهيم بن نصر بن عسكر، قاضي السلامية المقدم ذكره في هذا الكتاب (1) ، والله أعلم؛ ذكر ذلك صاحبنا الكمال ابن الشعار الموصلي في كتابه " عقود الجمان " في ترجمة الظهير المذكور (2) . وهذا ينظر إلى قول أبي العلاء المعري (3) :
تدعو بطول العمر أفواهنا ... لما تناهى القلب في وده
يسر إن مدّ بقاء له ... وكلّ ما يُكره في مده والأصل في هذا قول لبيد بن ربيعة العامري (4) :
كانت قناتي لا تلين لغامزٍ ... فألانها الإصباح والإمساء
ودعوت ربي بالسلامة جاهداً ... ليصحّني فإذا السلامة داء (5) ودخل عليه يوماً رجل من أهل الغرب يقال له أبو الحجاج يوسف، ووكان قريب العهد ببلاده، ورد حلب في تلك الأيام، وكان فاضلاً في الأدب والحكمة، فلما رآه على تلك الهيئة من الهزال والنحافة أنشده:
لو يعلم الناس ما في أن تعيش لهم ... بكوا لانك من ثوب الصبا عاري
ولو أطاقوا انتقاصاً من حياتهم ... لما فدوك بشيء غير أعمار
__________
(1) ج 1: 37.
(2) انظر ابن الشعار 1: 28.
(3) شروح السقط: 1008.
(4) هو من المنسوب له، انظر ديوانه: 360 - 361؛ وفي المختار: قول الآخر.
(5) ثم وجدت ... داء: سقط من س.

الصفحة 93