كتاب البحر المحيط في التفسير (اسم الجزء: 7)

الضَّرَرُ الرَّابِطُ هُوَ الظَّاهِرُ وَهُوَ فِي الْخَيْراتِ وَكَانَ الْمَعْنَى نُسارِعُ لَهُمْ فِيهِ ثُمَّ أُظْهِرَ فَقَالَ فِي الْخَيْراتِ فَلَا حَذْفَ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ، وَهَذَا يَتَمَشَّى عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ فِي إِجَازَتِهِ نَحْوَ زَيْدٌ قَامَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ كُنْيَةً لِزَيْدٍ، فَالْخَيْرَاتُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى هِيَ الَّذِي مُدُّوا بِهِ مِنَ الْمَالِ وَالْبَنِينَ وَإِنْ كَانَتْ مَا مَصْدَرِيَّةً فَالْمَسْبُوكُ مِنْهَا وَمِمَّا بَعْدَهَا هُوَ مَصْدَرُ اسْمِ إِنَّ وَخَبَرُ إِنَّ هُوَ نُسارِعُ عَلَى تَقْدِيرِ مُسَارَعَةٍ فَيَكُونُ الْأَصْلُ أَنْ نُسَارِعَ فَحُذِفَتْ أَنْ وَارْتَفَعَ الْفِعْلُ، وَالتَّقْدِيرُ أَيَحْسَبُونَ أَنَّ إِمْدَادَنَا لَهُمْ بِالْمَالِ وَالْبَنِينَ مُسَارَعَةٌ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ. وَإِنْ كَانَتْ مَا كَافَّةً مُهَيِّئَةً فَهُوَ مَذْهَبُ الْكِسَائِيِّ فِيهَا هُنَا فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى ضَمِيرٍ وَلَا حَذْفٍ، وَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى وَبَنِينَ كَمَا تَقُولُ حَسِبْتُ إِنَّمَا يَقُومُ زَيْدٌ، وَحَسِبْتُ أَنَّكَ مُنْطَلِقٌ، وَجَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا بَعْدَ حَسِبْتُ قَدِ انْتَظَمَ مُسْنَدًا وَمُسْنَدًا إِلَيْهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَإِنْ كَانَ فِي ما يقدر مُفْرَدًا لِأَنَّهُ يَنْسَبِكُ مِنْ أَنْ وَمَا بَعْدَهَا مَصْدَرٌ.
وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ يُسَارِعُ بِالْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ فَإِنْ كان فاعل نُسارِعُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مَا بِمَعْنَى الَّذِي، أَوْ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ مِنَ مَا نُمِدُّ فَنُسَارِعُ خَبَرٌ لِأَنَّ وَلَا ضَمِيرَ وَلَا حَذْفَ أَيْ يُسَارِعُ هُوَ أَيِ الَّذِي يُمِدُّ وَيُسَارِعُ، هُوَ أَيْ إِمْدَادُنَا. وَعَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ الْمَذْكُورُ بِالْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ. وَقَرَأَ الْحُرُّ النَّحْوِيُّ نُسْرِعُ بِالنُّونِ مُضَارِعُ أَسْرَعَ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ إِضْرَابٌ عَنْ قَوْلِهِ أَيَحْسَبُونَ أَيْ بَلْ هُمْ أَشْبَاهُ الْبَهَائِمِ لَا فِطْنَةَ لَهُمْ وَلَا شُعُورَ فَيَتَأَمَّلُوا وَيَتَفَكَّرُوا أَهُوَ اسْتِدْرَاجٌ أَمْ مُسَارَعَةٌ فِي الْخَيْرِ وَفِيهِ تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ.
إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ وَلا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ حَتَّى إِذا أَخَذْنا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذابِ إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ قَدْ كانَتْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ.
لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْكَفَرَةِ وَتَوَعَّدَهَمْ عَقَّبَ ذَلِكَ بِذِكْرِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَعَدَهُمْ وَذَكَرَهُمْ بِأَبْلَغِ صِفَاتِهِمْ، وَالْإِشْفَاقُ أَبْلَغُ التَّوَقُّعِ وَالْخَوْفِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الْخَشْيَةَ عَلَى الْعَذَابِ وَالْمَعْنَى وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَهُوَ قَوْلُ الكلبي ومقاتل ومِنْ خَشْيَةِ مُتَعَلِّقٌ

الصفحة 568