كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور (اسم الجزء: 7)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة قَالَ: إِن الْجَار يتَعَلَّق بجاره يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول: يَا رب سل هَذَا لم كَانَ يغلق بَابه دوني وَإِن الْكَافِر ليتعلق بِالْمُؤمنِ يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول لَهُ: يَا مُؤمن إِن لي عنْدك يدا قد عرفت كَيفَ كنت فِي الدُّنْيَا وَقد احتجت إِلَيْك الْيَوْم فَلَا يزَال الْمُؤمن يشفع لَهُ إِلَى ربه حَتَّى يردهُ إِلَى منزلَة دون منزلَة وَهُوَ فِي النَّار
وَأَن الْوَالِد يتَعَلَّق بولده يَوْم الْقِيَامَة فَيَقُول: يَا بني أَي وَالِد كنت لَك فيثني خيرا فَيَقُول: يَا بني إِنِّي احتجت إِلَى مِثْقَال ذرة من حَسَنَاتك أنجو بهَا مِمَّا ترى فَيَقُول لَهُ وَلَده: يَا أَبَت مَا أيسر مَا طلبت وَلَكِنِّي لَا أُطِيق أَن أُعْطِيك شَيْئا أتخوّف مثل الَّذِي تخوّفت فَلَا أَسْتَطِيع أَن أُعْطِيك شَيْئا
ثمَّ يتَعَلَّق بِزَوْجَتِهِ فَيَقُول: يَا فُلَانَة أَي زوج كنت لَك فتثني خيرا فَيَقُول لَهَا: فَإِنِّي أطلب إِلَيْك حَسَنَة وَاحِدَة تهبيها لي لعَلي أنجو مِمَّا تَرين
قَالَت: مَا أيسر مَا طلبت وَلَكِنِّي لَا أُطِيق أَن أُعْطِيك شَيْئا أتخوّف مثل الَّذِي تخوّفت
يَقُول الله {وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا}
وَيَقُول الله (يَوْم لَا يَجْزِي وَالِد عَن وَلَده) (لُقْمَان 133) و (يَوْم يفر الْمَرْء من أَخِيه وَأمه وَأَبِيهِ
) (عِيسَى 34)
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة فِي قَوْله {وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا} أَي إِلَى ذنوبها {لَا يحمل مِنْهُ شَيْء وَلَو كَانَ ذَا قربى} قَالَ: قرَابَة قريبَة لَا يحمل من ذنُوبه شَيْئا وَيحمل عَلَيْهَا غَيرهَا من ذنوبها شَيْئا {إِنَّمَا تنذر الَّذين يَخْشونَ رَبهم بِالْغَيْبِ} أَي يَخْشونَ النَّار والحساب
وَفِي قَوْله {وَمن تزكّى فَإِنَّمَا يتزكى لنَفسِهِ} أَي من عمل عملا صَالحا فَإِنَّمَا يعْمل لنَفسِهِ
وَفِي قَوْله {وَمَا يَسْتَوِي}
قَالَ: خلق فضل بعضه على بعض فَأَما الْمُؤمن فعبد حَيّ الْأَثر حَيّ الْبَصَر حَيّ النِّيَّة حَيّ الْعَمَل
وَالْكَافِر عبد ميت الْأَثر ميت الْبَصَر ميت الْقلب ميت الْعَمَل
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير} قَالَ: هَذَا مثل ضربه الله للْكَافِرِ وَالْمُؤمن يَقُول: كَمَا لَا يَسْتَوِي هَذَا وَهَذَا كَذَلِك لَا يَسْتَوِي الْكَافِر وَالْمُؤمن
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى والبصير} قَالَ: الْكَافِر وَالْمُؤمن {وَلَا الظُّلُمَات} قَالَ: الْكفْر {وَلَا النُّور}
الصفحة 17
760