كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

الْبَيْتِ مِنَ النَّادِي)): وهذه- أيضًا- تمدح زوجها بالكرم، فهو ((رَفِيعُ الْعِمَادِ))، يعني: سيد شريف، ((طَوِيلُ النِّجَادِ))، يعني: طويل القامة، ويحتاج إلى طول حمائل سيفه، وهذه صفة مدح عند العرب، ((عَظِيمُ الرَّمَادِ))، يعني: أنه كريم يستقبل الضيوف الكثيرين ويقدم لهم الطعام، فيكثر إيقاده للنار، فيكثر رمادها، وهذه كناية عن كرمه، ((قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِي)): النادي: مجلس القوم، وصفته بالكرم والسؤدد؛ لأنه لا يقرب البيت من النادي إلا من هذه صفته؛ لأن الضيفان يقصدون النادي، ولأن أصحاب النادي يأخذون ما يحتاجون إليه في مجلسهم من بيت قريب للنادي.
وقولها: ((قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ))، هذه- أيضًا- تمدح زوجها، وتقول: ((زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟ )): يقال: مالك لمن يملك الأموال الكثيرة من الإبل والبقر ونحوها من المواشي، وربما يُطلق على من يملك الزرع والنخيل- أيضًا، ((مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ))، أي: مما يُتصور عمومًا، أي: أن مالكًا عنده أموال كثيرة، وعنده إبل كثيرة المبارك حول البيت.
وتمدحه بالكرم، فهو ((لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ))، يعني: له إبل كثيرة تبرك عند البيت، ولا تسرح لكثرة الضيوف الذين يأتونه، فيحتاج إلى أن ينحر منها، فإذا جاء الضيوف وجد الإبل قريبة من البيت فلو كانت تسرح فمتى تأتي؟ لكن إبله كثيرة المبارك حول البيت، قليلة المسارح، فيأتي الضيوف فيجدونها جاهزة، ((إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ)): الْمِزْهَر: هو العود الذي يُضرب، فكأنه عودهن صوت الأعواد إذا قدم الضيوف، فكان يضرب بالعود، فإذا ضرب بالعود عرفت الإبل أنه قد جاءت الضيوف، فعرفت أنها هالكة بالنحر، والمقصود: أنها تمدحه بالكرم وكثرة ضيوفه.

الصفحة 109