كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

نظيف، وهذا مدح لها- أيضًا.
وقولها: ((قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ)): الأوطاب جمع وطْب، بفتح الواو وإسكان الطاء، وهو جمع قليل النظير، والأكثر جمعه على: وطاب، وهي أسقية اللبن التي يمخض فيها، ومخضت اللبن مخضًا إذا استخرجت زبده بوضع الماء فيه وتحريكه، أرادت أن الوقت الذي خرج فيه كان في زمن الخصب، وطيب الربيع.
وقولها: ((فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا)): لقي امرأة لها ولدان يلعبان من تحت خصرها برمَّانتين، قيل: فيه إشارة إلى عظم نهديها، وقيل: المعنى أنها إذا استلقت على قفاها، ارتفعت بها الأرض وصار الولدان يلعبان بالرمَّان من تحت ظهرها؛ لعظم عجيزتها، والمعنى: أنه لما رأى هذه المرأة على هذه الصفة أعجبته، فطلَّق أمَّ زرع ونكح هذه المرأة التي لها الولدان.
وقولها: ((فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا))، يعني: بعد طلاقها من أبي زرع تزوجت رجلًا سريًّا، يعني: شريفًا، سيِّدًا، وشريًّا: هو الفرس الذي يستشري في سيره، أي: يلح ويمضي بلا فتور ولا انكسار، والخطي: هو الرمح، وسمي خطيًّا؛ لأنه يأتي من بلدة الخط، وهي قرية على الساحل عند عمان والبحرين.
وقولها: ((وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا))، أي: أتى بها إلى مراحها، وهو موضع مبيتها، والنعم: الإبل والبقر والغنم، ويحتمل أن المراد ههنا بعضها، وهي الإبل، والثَّرِيُّ- مثلثة بتشديد الياء: كثير المال وغيره، والمعنى: أنه أعطاها من الإبل والمال ما تشاء.
وقولها: ((وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا)): الرائحة: ما يروح من الإبل والبقر والغنم والعبيد، أي: وأعطاها من كل ذلك زوجًا، أي: اثنين، ويحتمل أنها أرادت صنفًا، والزوج يقع على الصنف.

الصفحة 113