كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

وقوله: ((فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي ... لِعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءٌ))، يعني: أقي عرض النبي صلى الله عليه وسلم بنفس ووالدي ووالديه، فكلنا وقاء لعرضه صلى الله عليه وسلم.
وقوله: ((ثَكِلتُ بُنيتي إِنْ لَمْ تَرَوْهَا ... تُثِيرُ النَّقْعَ مِنْ كَنَفَيْ كَدَاءِ)): ثكلتُ بنيتي، يعني: فقدتها، فهو يدعو على نفسه، إن لم تروها- يعني: الخيل- تثير النقع: الغبار، من كنفي كداء، أي: جانبَي كداء، وكداء ثنية على باب مكة، والعرب تقول: دخل من كَدا، وخرج من كُدا، وأهل مكة يقولون: افتح وادخل واضمم واخرج؛ فالدخول من كَدا، والخروج من كُدا؛ ولهذا لما فتحت مكة قال رسولُ الله صلى اللهُ عليه وسلم: ((ادخلوها مِنْ حَيْثُ قَالَ حَسَّانُ)) (¬١)، فهو يتهددهم ويتوعدهم، ويقول: يا أيها الكفار استعدوا للغزو، فسوف يغزوكم النبي صلى الله عليه وسلم من كنفي كداء، وقد تحقق كلامه رضي الله عنه.
وقوله: ((يُبَارِينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِدَاتٍ ... عَلَى أَكْتَافِهَا الأَسَلُ الظِّمَاءُ))، يعني: أن الخيل يجاذبن الأعنة: جمع عِنان، وهو حبل اللِّجام الذي يُمسَك به الفرسُ، مصعدات، أي: مقبلات إليكم ومتوجهات، والأسل: الرماح، والظماء: الدقيقة، فكأنها لقلة مائها عطاش، وقيل: المراد بالظماء العطاش لدماء الأعداء، فهو يتهددهم بقوله: سوف تغزوكم خيلنا القوية، وعليها الرماح الظامئة للشرب من دمائكم.
وقوله: ((تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ ... تُلَطِّمُهُنَّ بِالْخُمُرِ النِّسَاءُ))
---------------
(¬١) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٥/ ٦٦).

الصفحة 189