كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

وَحَدَّثَنَاهُ عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، كُلُّهُمْ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَائِشَةَ حَدَّثَاهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ.
قوله: ((لَابِسٌ مِرْطَ عَائِشَةَ)): الْمِرط: كساء من صوف، وقيل: كساء من صوف أو كتان أو غيره، وقيل: هو الإزار.
في هذا الحديث: منقبة لعثمان رضي الله عنه وفضيلة من فضائله.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسًا قد كشف عن ساقيه، أو فخذيه، فدخل أبو بكر رضي الله عنه وهو على حاله، ثم دخل عمر رضي الله عنه وهو على حاله، ثم لما دخل عثمان رضي الله عنه سوى ثيابه، وقال: ((أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ؟ )).
وفيه: أن الملائكة تستحي والله تعالى كذلك، فقد وصف نفسه بالحياء في قوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا}، وقال سبحانه: {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ}، وثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ)) (¬١)، والحياء خلق كريم يمنع الإنسان من فعل ما يشينه، ويحمله على فعل ما يزينه.
وقد استدل بعض العلماء بهذا الحديث على جواز كشف الفخذ وأنه ليس بعورة، ويُرد عليهم بما يلي:
أولًا: أن الحديث فيه شك؛ لقول عائشة رضي الله عنها: ((كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ)).
ثانيًا: أن الأحاديث التي فيها كشف الفخذ جاءت عن صغار الصحابة،
---------------
(¬١) أخرجه أحمد (١٧٩٧٠).

الصفحة 33