كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

كجرهد وأنس رضي الله عنهما.
ثالثًا: الكشف إنما جاء من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، كما في قول أنس رضي الله عنه: ((حَتَّى إِنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) (¬١)، ولعل فخذه صلى الله عليه وسلم انكشف بسبب الركوب في خيبر لما أغار عليهم، وأما النهي عن كشف الفخذ فقد جاء في أحاديث قولية صريحة عنه صلى الله عليه وسلم، والقول مقدم على الفعل؛ لأن الفعل يدخله الاحتمال، فيحتمل أنه انكشف فخذه بسبب انشغاله بالحرب والركوب، ومن هذه الأحاديث قوله عليه السلام: ((غَطِّ فَخِذَكَ؛ فَإِنَّ فَخِذَ الرَّجُلِ مِنْ عَوْرَتِهِ)) (¬٢).
رابعا: المحفوظ في الحديث أنه كان كاشفًا عن ساقيه لا عن فخذيه، والركبتان ليستا من العورة.
تنبيه: ينبغي في هذا المقام تنبيهُ لاعبي الكرة وغيرها ألا يتساهلوا في كشف الفخذ؛ خاصة وأن بعضهم يلبس السراويل إلى نصف الفخذ، كذلك ينبغي التنبيه على عدم التوسع في اللعب وإضاعة الأوقات فيه، بل ينبغي أن يكون اللعب قليلًا للترويح عن النفس فقط، وأما أكثر الوقت فينبغي أن يستغل فيما يفيد، وينبغي- أيضًا- للشباب المسلم ألا يكون همه لعب الكرة، وبذل الأموال والأوقات في تعلمها وإتقانها؛ لأن في ذلك مضيعة للوقت والمال، والمرء مسؤول عنهما يوم القيامة أمام الله تعالى.
وفيه: دليل على أن الرجل قد يكون له إدلال على بعض أصحابه وأقاربه وخواصه، فيتخفف من بعض الثياب، فيكشف مثلًا رأسه، أو يكشف عن ساقيه عند بعض أصحابه، فإذا جاء من هو غريب، أو من لا يكثر الاختلاط به فإنه لا يكون معه كحال من كان مدلًّا عليه من أصحابه.
---------------
(¬١) أخرجه البخاري (٣٧١)، ومسلم (١٣٦٥).
(¬٢) أخرجه أحمد (٢٤٩٣).

الصفحة 34