كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه.

[٢٤٠٤] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ، وَسُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، كُلُّهُمْ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ الصَّبَّاحِ- حَدَّثَنَا يُوسُفُ أَبُو سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ: ((أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي))، قَالَ سَعِيدٌ: فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُشَافِهَ بِهَا سَعْدًا، فَلَقِيتُ سَعْدًا: فَحَدَّثْتُهُ بِمَا حَدَّثَنِي عَامِرٌ، فَقَالَ: أَنَا سَمِعْتُهُ، فَقُلْتُ: آنْتَ سَمِعْتَهُ؟ فَوَضَعَ إِصْبَعَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ، فَقَالَ: نَعَمْ، وَإِلَّا فَاسْتَكَّتَا.
[خ: ٤٤١٦]
قوله: ((فَاسْتَكَّتَا)): بتشديد الكاف، يعني: صمتا.
وفي هذا الحديث: فضيلة لعلي رضي الله عنه وهي: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى))، وقوله: ((إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي))، نفي توهم أن يكون نبيًّا؛ لأن هارون عليه السلام كان نبيًّا.
وسبب هذا الحديث- كما سيأتي-: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سار إلى تبوك استخلف عليًّا رضي الله عنه في المدينة، فما لبث أن لحقه علي رضي الله عنه وقال: يا رسول الله، أتخلفني مع النساء والصبيان؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي)).
وقد احتج الرافضة بهذا الحديث على أن عليًّا رضي الله عنه هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى إبطال خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، وهذا من جهلهم وضلالهم؛ فإن النصوصَ في بيان قدر هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم عند الله ورسوله كثيرةٌ، زد عليه إجماع الصحابة على تقديم أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان

الصفحة 39