كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

[٢٤٠٥] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَارِيَّ- عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: ((لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ))، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَا أَحْبَبْتُ الْإِمَارَةَ إِلَّا يَوْمَئِذٍ قَالَ: فَتَسَاوَرْتُ لَهَا رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لَهَا قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، وَقَالَ: ((امْشِ وَلَا تَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ)) قَالَ: فَسَارَ عَلِيٌّ شَيْئًا، ثُمَّ وَقَفَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ، فَصَرَخَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: عَلَى مَاذَا أُقَاتِلُ النَّاسَ؟ قَالَ: ((قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ)).
قوله: ((امْشِ وَلَا تَلْتَفِتْ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ))، أي: على يديك، ففتح له في يوم خيبر.
وفي هذا الحديث: دليل على أن أول واجب هو الشهادتان، الشهادة لله تعالى بالوحدانية، والشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة.
وفيه: الرد على أهل الكلام الذين يقولون: أول واجب هو الشك؛ أنْ تشك فيمن حولك، ثم تنتقل من الشك إلى اليقين، وبعضهم يقول: أول واجب هو: النظر، يعني: أن تنظر وتتأمل، وبعضهم يقول: أول واجب هو: القصد إلى النظر، وهذه كلها أقوال باطلة لأهل الكلام.
والصواب: أن أول واجب هو الشهادة لله تعالى بالوحدانية، وللنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ فَقَدْ مَنَعُوا مِنْكَ دِمَاءَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ))، والمراد: الالتزام بالإسلام والتوحيد، وليس المراد: قولهم باللسان فقط: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، بل ينطقون بهما بألسنتهم، ويعتقدونهما بقلوبهم، ويلتزمون بحقوقهما، ويبتعدون عن

الصفحة 44