كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

يُحدث سُنَّة من عند نفسه، بل المراد: أنه يُظهر سُنَّة أميتت، كأن يأتي إلى بلد، أو إلى قوم لا يعرفون سنة الفجر ولا يصلونها، فيصلي سنة الفجر ويأمرهم بها، فيكون هنا سَن سُنَّة حسنة، يعني: أظهرها للناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا لما جاء قوم من الأعراب، قوم فقراء ثيابهم متمزقة، فتأثر النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ذلك، وتغير وجهه، فدخل وخرج، ثم خطب في الناس وحثهم على الصدقة، وقال: ((تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ- حَتَّى قَالَ- وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ)) (¬١)، فهذا الأنصاري رضي الله عنه سبق الناس في الصدقة وشجعهم، فتتابع الناس بعده واقتدوا به.
---------------
(¬١) أخرجه مسلم (١٠١٧).

الصفحة 48