كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: أُنْزِلَتْ فِيَّ أَرْبَعُ آيَاتٍ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ زُهَيْرٍ عَنْ سِمَاكٍ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ قَالَ: فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُطْعِمُوهَا شَجَرُوا فَاهَا بِعَصًا ثُمَّ أَوْجَرُوهَا، وَفِي حَدِيثِهِ- أَيْضًا-: فَضَرَبَ بِهِ أَنْفَ سَعْدٍ فَفَزَرَهُ، وَكَانَ أَنْفُ سَعْدٍ مَفْزُورًا.
قوله: ((أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِيَهُ فِي الْقَبَضِ)): القَبَض- بفتح القاف والباء-: الموضع الذي يجمع فيه الغنائم.
وقوله: ((شَجَرُوا فَاهَا بِعَصًا ثُمَّ أَوْجَرُوهَا))، أي: فتحوه، ثم صبوا فيها الطعام.
وقوله: ((فَفَزَرَهُ))، يعني: شقه، ((وَكَانَ أَنْفُ سَعْدٍ مَفْزُورًا))، أي: مشقوقًا.
قوله: ((فَأَخَذَ رَجُلٌ أَحَدَ لَحْيَيِ الرَّأْسِ)): اللَّحْيُ: عظم الحنك الذي عليه الأسنان.
وفي هذا الحديث: شيء من مناقب سعد رضي الله عنه، وقد نزلت فيها آيات أربع- كما سيأتي، منها قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}، إلى قوله: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، وذلك: أن أمه كانت مشركة، فأرادت أن ترده عن دينه إلى الشرك، وأمرته أن يكفر به، قالت: ((أَلَيْسَ اللهُ يَأْمُرُكَ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ؟ وَاللهِ لَا آكُلُ طَعَامًا، وَلا أَشْرَبُ شَرَابًا، حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ))، وفي الرواية الأخرى: ((فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُطْعِمُوهَا شَجَرُوا فَاهَا بِعَصًا، ثُمَّ أَوْجَرُوهَا))، وإنما شجروها بالعصا لئلَّا تطبقه فيمتنع وصول الطعام إلى جوفها.
فلا يطاع الأبوان في الشرك ولا في المعصية، ولذلك روي أن سعدًا رضي الله عنه

الصفحة 60