كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

[٢٤٣٧] حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أُخْتُ خَدِيجَةَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ، فَارْتَاحَ لِذَلِكَ، فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ))، فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: وَمَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، فَأَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا.
[خ: ٣٨٢١]
قول عائشة رضي الله عنها: ((فَارْتَاحَ لِذَلِكَ)): قال النووي رحمه الله: ((أي: هش لمجيئها وسُرَّ بها؛ لتِذَكُّرِه بها خديجةَ وأيامَها، وفي هذا كله: دليل لحسن العهد، وحفظ الود، ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته ووفاته، وإكرام أهل ذلك الصاحب)) (¬١).
وقولها: ((حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ))، يعني: قد سقطت أسنانها، فلا يظهر من شدقيها بياض الأسنان، وإنما تظهر حمرة اللثة، وهذا قالته رضي الله عنها بسبب الغيرة.
قولها: ((فَأَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا)): في رواية في غير الصحيحين أنها لما قالت ذلك قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَا أَبْدَلَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا)) (¬٢).
وقد يحتج به- إن صح- على تفضيل خديجة رضي الله عنها على جميع النساء، ومنهن عائشة رضي الله عنها.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَرُدَّ على عائشة رضي الله عنها، وعَذَرَها بسبب الغيرة التي تصيب النساء, وقد تحملهن على مثل هذا أو أشد، فيعفى عنها في مثل هذه الحال؛ لأن الغيرة تشق على المرأة وتلزمها، وتلجئها إلى مثل هذا الكلام.
---------------
(¬١) شرح مسلم، للنووي (١٥/ ٢٠٢).
(¬٢) أخرجه أحمد (٢٤٨٦٤).

الصفحة 88