كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 7)

لَمْ أَنْشَبْهَا حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَبَسَّمَ: ((إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ)).
وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُهْزَاذَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ: حَدَّثَنِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ فِي الْمَعْنَى، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَلَمَّا وَقَعْتُ بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا أَنْ أَثْخَنْتُهَا غَلَبَةً.
قولها: ((وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ))، يعني: هي التي تساويها في المنزلة والحظوة عند النبي صلى الله عليه وسلم.
وقولها: ((مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ)): السَّوْرة: الثوران وعجلة الغضب، والحِدَّة: شدة الخُلُق وثورانه.
وقولها: ((تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ))، يعني: سرعان ما ترجع، فما تستمر على ما فيها من الغضب، بل تعود إلى حالها السابقة.
وقولها: ((ثُمَّ وَقَعَتْ بِي))، أي: نالت مني بالوقيعة فِيَّ.
وقولها: ((لَمْ أَنْشَبْهَا))، أي: لم أمهلها.
وقولها: ((حَتَّى أَنْحَيْتُ عَلَيْهَا))، أي: قصدتها واعتمدتها بالمعارضة، وفي الرواية الثانية: ((لَمْ أَنْشَبْهَا أَنْ أَثْخَنْتُهَا غَلَبَةً))، أي: قمعتها وقهرتها.
وفي هذا الحديث: أنه اجتمع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأرسلن فاطمة رضي الله عنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وقلن لها: قولي للنبي صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ))، والعدل الذي كُنَّ يردنه هو: المساواة في المحبة.
ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يساوي بينهن في القسم والنفقة والكسوة والسكنى، كل واحدة لها ليلة، لكنهن أردنَ العدل في المحبة، والمحبة لا يستطيع الإنسان العدل فيها، ولا يلام عليها.
واعلم أن الواجبَ العدلُ في أربعةِ أشياءَ: النفقة، والكسوة، والسكنى، والقسم، وقال بعض العلماء: إنه يجب أن يقسم حتى للحائض والنفساء،

الصفحة 94