كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)

ومن قال بهذا الحديثِ يقولُ: لا يَلْزمُ من سمِعَ المُؤذِّن أن يأتي بألفاظِهِ، إذا أَتَى بمعناهُ من التَّشهُّدِ، والإخلاصِ، والتَّوحيدِ.
ومن حُجَّةِ من ذهَبَ هذا المذهبَ أيضًا، ما حدَّثناهُ: عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ التّمّارُ، قال: حدَّثنا سُليمانُ بن الأشعثِ، قال (¬١): حدَّثنا إبراهيمُ بن مهديٍّ، قال: حدَّثنا عليُّ بن مُسهِرٍ، عن هِشام بن عُروة، عن أبيهِ، عن عائشَةَ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمِعَ المُؤذِّن يشهدُ، قال: "وأنا وأنا".
واختلَف الفُقهاءُ في المُصلِّي يسمعُ المُؤذِّنَ وهُو في نافِلةٍ أو فَرِيضةٍ، فقال مالكٌ: إذا أذَّن المُؤذِّنُ وأنتَ في صَلاةٍ مكتُوبةٍ، فلا تقُل مِثلَ ما يقولُ، وإذا كُنتَ في نافِلةٍ، فقُل مِثلَ ما يقولُ: التَّكبيرُ، والتَّشهُّدُ، فإنَّهُ الذي يَقعُ في نفسي أنَّهُ (¬٢) أُريدَ بالحديثِ. هذا (¬٣) رِوايةُ ابن القاسم ومذهبُهُ (¬٤).
وقال ابنُ وهبٍ (¬٥)، من رأيِهِ (¬٦)، يقولُ المُصلِّي مِثل ما يقولُ المُؤذِّنُ في المكتُوبةِ والنّافِلةِ.
وقال سحنُونٌ (¬٧): لا يقولُ ذلك في نافِلةٍ ولا مكتُوبة.
---------------
(¬١) في سننه (٥٢٦). ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ١/ ٤٥٩. وأخرجه ابن حبان (١٦٨٣)، والطبراني في الدعاء (٤٣٨) من طريق هشام بن عروة، به. وانظر: المسند الجامع ١٩/ ٣٩٧ (١٦٢١٥).
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٣٧٧) عن أبي معاوية ووكيع عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلًا، وذكر الدارقطني في العلل (٣٥٣٣) أن المرسل هو الصحيح.
(¬٢) زاد هنا في ر ١: "الذي".
(¬٣) في ض: "هذه".
(¬٤) المدونة ١/ ١٥٩، والبيان والتحصيل ١٧/ ٥٨٦.
(¬٥) البيان والتحصيل ١٧/ ٥٨٧، وقال: "وروى مثله أبو المصعب عن مالك، واختاره ابن حبيب".
(¬٦) في ر ١: "رواية"، وهو تحريف.
(¬٧) البيان والتحصيل ١٧/ ٥٨٧.

الصفحة 17