كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)
فهذا عَطاءُ بن أبي رباح، يُصرِّحُ بأنَّهُما سُنَّةٌ، وعَمرُو بن دينارٍ مِثلُهُ، وكذلك قال القاسِمُ بن محمدٍ.
حدَّثني عبدُ الرَّحمنِ بن يحيى، قال: حَدَّثَنَا عليُّ بن محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا أحمدُ بن داودَ، قال: حَدَّثَنَا سحنُونٌ، قال: أنبأنا ابن وَهْب، قال: أنبأنا ابن لَهيعةَ، عن بُكَيرِ بن الأشجِّ، عن القاسم بن محمدٍ: أنَّ رجُلًا قال: عَجِبتُ من عائشةَ حينَ كانت تُصلِّي أربعًا في السَّفرِ، ورَسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصلِّي رَكْعتينِ. فقال لهُ القاسِمُ بن محمدٍ: عليكَ بسُنَّةِ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإن (¬١) من النّاسِ من لا يُعابُ (¬٢).
قال أبو عُمرَ: قولُ القاسم هذا في عائشةَ، يُشبِهُ قولَ سعيدِ بن المُسيِّب، حيثُ قال: ليسَ من عالِم، ولا شَريفٍ، ولا ذُو فَضْلٍ إلّا وفيه عيبٌ، ولكن من النّاسِ من لا يَنْبغي أن تُذكَر عُيُوبُهُ، ومن كانَ فَضْلُهُ أكثَرَ من نَقْصِهِ، ذهَبَ نَقْصُهُ لفَضْلِهِ (¬٣).
قال أبو عُمرَ: وقد قال قومٌ في إتمام عائشةَ أقاويلَ، ليس منها شيءٌ يُروَى عنها، وإنَّما هي ظُنُون، وتأويلاتٌ، لا يصحبُها دليلٌ.
قال ابن شِهاب: تأوَّلَتْ ما تأوَّل عُثمانُ (¬٤).
وهذا ليسَ بجوابٍ مُوعِبٍ، وأضعفُ ما قيل في ذلكَ: إنَّها أُمُّ المُؤمنين، وإنَّ النّاسَ حيثُ كانُوا بَنُوها، وكان مَنازِلُهُم مَنازِلها.
---------------
(¬١) في م: "قال".
(¬٢) أخرجه ابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام ٦/ ٢٩١ عن المؤلف، بغير هذا الإسناد، من طريق ابن وهب، به.
(¬٣) انظر: جامع بيان العلم، ص ٢٩٥ (١٠٧٢).
(¬٤) أخرجه الشافعي في مسنده، ص ١٥٦، وعبد الرزاق في المصنَّف (٤٢٦٧)، وابن أبي شيبة (٨٢٦٦)، والبخاري (١٠٩٠)، ومسلم (٦٨٥) (٣)، والدارمي (١٥٠٩)، وابن خزيمة (٣٠٣)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤٢٧، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٤٣ من طرق عن ابن شهاب، عن عروة، به. بإثر حديث عائشة في صلاة السفر.