كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)
أخبرنا أحمدُ بن قاسِم بن عبدِ الرَّحمنِ، قال: حَدَّثَنَا قاسِمُ بن أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا الحارِثُ بن أبي أُسامةَ، قال: حَدَّثَنَا أبو نُعيم، قال: حَدَّثَنَا طَلْحةُ، عن عطاءٍ، عن عائشةَ، قالت: كُلًّا (¬١) قد فعلَ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قد صامَ وأفطَرَ، وأتمَّ وقصرَ في السَّفرِ (¬٢).
وحَدَّثَنَا عبدُ الوارِثِ بن سُفيانَ، قال: حَدَّثَنَا قاسِمُ بن أصبغَ، قال: حَدَّثَنَا محمدُ بن الجهم، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الوهّابِ، قال: أخبرنا طَلْحةُ بن عَمرٍو، عن عَطاءٍ، عن عائشةَ، أنَّها قالت: كلُّ ذلكَ كان يَفْعلُ رسُولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، صامَ وأفطَرَ، وقصَرَ الصلاةَ وأتمَّ.
وقد روى زيدٌ العمِّيُّ، وإن لَمْ يَكُن مِمَّن يُحتجُّ به، فإنَّهُ مِمَّن يُسْتظهرُ به، عن أَنَسٍ، قال: كُنّا أصحابَ رسُولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُسافِرُ، فيُتِمُّ بعضُنا، ويقصُرُ بعضُنا، ويَصُومُ بعضُنا، ويُفطِرُ بعضُنا، فلا يَعِيبُ أحدٌ على أحَدٍ (¬٣).
وإن كان زيدٌ العمِّيُّ، وطلحةُ بن عَمرٍو مِمَّن لا يُحتجُّ بهما، فإنَّ الأحاديثَ الثَّابِتةَ، والاعْتِبار بالأُصُولِ، تُصَحِّحُ ما جاءا به، مع فِعْلِ عائشةَ رحِمَها الله تعالى.
فإن قال قائلٌ: ما معنى قولِ عائشةَ: فُرِضتِ الصَّلاةُ رَكْعتينِ ركعتينِ في السَّفرِ والحَضَرِ، فزِيدَ في حَلاةِ الحَضَرِ، وأُقِرَّت صلاةُ السَّفرِ على الفَرِيضةِ الأُولى (¬٤). قيل لهُ: أمّا ظاهِرُ هذا القَوْلِ، فيدُلُّ على أنَّ الرَّكْعتينِ في السَّفرِ فرضٌ، ولكِنَّ الآثارَ، والنَّظَرَ، والاعْتِبارِ، كلُّ ذلكَ يدُلُّ على غيرِ ما دلَّ عليه ظاهِرُ الحديثِ.
---------------
(¬١) في م: "كان".
(¬٢) أخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده، بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث (١٨٧)، والدارقطني في سننه ٢/ ١٦٣ (٢٢٩٧)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٤٢، من طريق أبي نعيم، به.
(¬٣) أخرجه البيهقي في الكبرى ٣/ ١٤٥ من طريق زيد العمي، به.
(¬٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢٠٩ (٣٩٠).