كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)

واختلف الفُقهاءُ أيضًا في مِقدارِ السَّفرِ الذي تُقصَرُ فيه الصلاةُ (¬١).
فقال مالكٌ والشّافِعيُّ واللَّيثُ: أربعةُ بُرُدٍ (¬٢). وهُو قولُ ابن عبّاسٍ، وابنِ عُمر (¬٣). قال مالكٌ: ثمانيةٌ وأربعُونَ ميلًا، ومَسِيرةُ يوم وليلةٍ. وهُو قولُ اللَّيثِ.
وقال الشّافِعيُّ (¬٤)؛ سِتَّةٌ وأربعُون ميلًا بالهاشِميِّ، أو يومٌ وليلةٌ. وهُو قولُ الطَّبريِّ.
وقال الأوزاعيُّ: اليومُ التَّامُّ. وهذه كلُّها أقاويلُ مُتقارِبةٌ (¬٥).
وقال أبو حنيفةَ، وأصحابُهُ، والثَّوريُّ، والحسنُ بن حيٍّ: لا يَقْصُرُ أحدٌ في أقلَّ من مَسِير ثلاثةِ أيام ولياليها (¬٦).
وقال داودُ: من سافَرَ في حَجٍّ أو عُمرةٍ أو غَزْوٍ، قصَرَ في قصيرِ السَّفرِ وطويلِهِ، ومن حُجَّتِهِ حديثُ شُعبةَ، عن يزيدَ بن خُميرٍ، عن حَبِيبِ بن عُبيدٍ، عن جُبيرِ بن نُفيرٍ قال: خرجتُ مع شُرَحبيلِ بن السِّمطِ، إلى قَرْيةٍ لهُ، على رأسِ سبعةَ عشرَ، أو ثمانيةَ عشَرَ ميلًا، فصلَّى رَكْعتينِ فقلتُ لهُ، فقال: رأيتُ عُمرَ صلَّى بذي الحُليفةِ رَكْعتينِ، فقلتُ لهُ، فقال: إنَّما أفعلُ كما رأيتُ رسُولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعَلَ (¬٧).
---------------
(¬١) تنظر تفاصيل ذلك في مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٣٥٥ (٣٢٦).
(¬٢) انظر قول مالك في الموطأ ١/ ٢١١ - ٢١٢ بإثر رقم (٣٩٨). وانظر: الأوسط لابن المنذر (٢٢٥٩).
(¬٣) انظر: الأوسط لابن المنذر (٢٢٦١).
(¬٤) انظر: الأم ١/ ١٨٢.
(¬٥) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٥٥.
(¬٦) الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني ١/ ٢٦٥، والمبسوط للسرخسي ١/ ٢٣٥، وتحفة الفقهاء للسمرقندي ١/ ٣٥٨.
(¬٧) أخرجه الطيالسي (٣٥)، وابن أبي شيبة (٨٢٢٧)، وأحمد في مسنده ١/ ٣٢٧، ٣٣٣ (١٩٨، ٢٠٧)، ومسلم (٦٩٢)، والنسائي في المجتبى ٣/ ١١٨، وفي الكبرى ٢/ ٣٥٨ (١٩٠٨)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤١٦، من طريق شعبة، به. وانظر: المسند الجامع ١٣/ ٥١١ (١٠٤٧٦).

الصفحة 337