كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)

واختلفُوا أيضًا فيمن لهُ أن يقصُرَ، فقال مالكٌ: من خرجَ إلى الصَّيدِ مُتلذِّذًا، لَمْ أُحِبَّ لهُ أن يقصُرَ، ومن خرجَ في مَعْصيةٍ، لَمْ يَجُزْ لهُ أن يقصُرَ، ومن كان الصَّيدُ مَعاشَهُ قصرَ (¬١).
وقال الشّافِعيُّ (¬٢): إن سافر في مَعْصيةٍ فلا يقصُرُ، ولا يمسحُ مسح المُسافِرِ. وهُو قولُ داود والطَّبريِّ.
وقال أحمد بن حَنْبل: لا يَقْصُرُ مُسافرٌ إلَّا في حَجٍّ، أو عُمرةٍ، أو غزوٍ (¬٣).
ورواهُ عن ابن مسعُودٍ (¬٤). وهُو قولُ داود، إلّا أنَّ داود قال: في حجٍّ، أو عُمرةٍ، أو غَزْوٍ.
ولأحمد بن حَنْبل قولٌ آخرُ مِثلُ قولِ الشّافِعيِّ: من سافَرَ في غيرِ مَعْصيةٍ قصَرَ ومسَحَ.
وقصَرَ عليٌّ رضي الله عنهُ في خُرُوجِهِ إلى صِفِّين (¬٥)، وخرج ابن عبّاسٍ إلى مالِهِ بالطّائفِ فقصر الصَّلاةَ (¬٦).
وقال نافِعٌ: كان ابن عُمرَ يُطالِعُ مالهُ بخيبرَ، فتقْصُرُ الصَّلاةَ (¬٧).
وأكثرُ الفُقهاءِ على إباحَةِ القَصْرِ للمُسافِرِ تاجِرًا، وفي أمرٍ أُبيحَ لهُ الخُرُوجُ إليه.
---------------
(¬١) انظر: مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٥٦، والاستذكار ٢/ ٢١٩.
(¬٢) انظر: الأم ١/ ٢١٢، ومختصر المزني ٨/ ١١٩.
(¬٣) مسائل الإمام أحمد برواية إسحاق الكوسج (١٧١٥).
(¬٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٤٢٨٦)، وابن أبي شيبة (٨٢٣٣)، وابن المنذر في الأوسط (٢٢٥٦، ٢٢٥٧) من طرق عنه، به.
(¬٥) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٤٣٢٢)، وابن أبي شيبة (٨٢٢٩)، وابن المنذر في الأوسط (٢٢٥٢)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٤١٩.
(¬٦) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٤٢٩٢)، وابن المنذر في الأوسط (٢٢٥٣). وذكر ابن أبي شيبة أن ابن عباس أفتى بأن يقصر المسافر إلى الطائف (المصنَّف ٨٢٢٢ و ٨٢٢٤).
(¬٧) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢١١ (٣٩٥).

الصفحة 338