كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)

من الأنصارِ أرسلَ إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: أنْ خُطَّ لي في داري مسجِدًا. فأتاهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - واجتمَعَ قومُهُ، وتغيَّبَ رجُلٌ منهُم، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أينَ فُلانٌ؟ " فغمَزهُ رجُلٌ منهُم: إنَّهُ وإنَّهُ، فقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أليسَ قد شهِدَ بدرًا؟ " قالوا: بَلَى، قال: "فلعلَّ الله قدِ اطَّلعَ على أهلِ بَدْرٍ، فقال: اعملُوا ما شِئتُم، فقد غَفَرتُ لكُم" (¬١).
حدَّثنا سعيدُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا قاسمٌ، قال: حدَّثنا ابنُ وضّاح، قال: حدَّثنا أبو بكر بن أبي شَيْبةَ، قال (¬٢): حدَّثنا أبو خالدٍ الأحمرُ، عن الأعمشِ، عن أبي ظَبْيانَ، عن أُسامَةَ بن زيدٍ قال: بعَثَنا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في سريَّةٍ، فصَبَّحنا الحُرُقاتِ (¬٣) من جُهينَةَ فأدركتُ رَجُلًا، فقال: لا إلهَ إلّا اللهُ، فطعنتُهُ، فوقَعَ في نفسِي من ذلك، فذكرتُهُ لرسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال: لا إلهَ إلّا اللهُ وقَتلتَهُ؟ " قال: قلتُ: يا رسُولَ الله، إنَّما قالها فرَقًا منَ السِّلاح. قال: "أفلا شَقَقتَ عن قلبِهِ، حتَّى تعلَمَ أقالها، أم لا؟ ". فما زالَ يُكرِّرُها عليَّ، حتَّى تمنِّيتُ أنِّي أسلمتُ يومئذٍ. قال: فقال سعدٌ (¬٤): وأنا والله لا أقتُلُ مُسلِمًا، حتَّى يقتُلَهُ ذُو البُطينِ، يعني: أُسامَةَ. وذكرَ باقيَ الحديثِ.
---------------
(¬١) أخرجه ابن حبان (٤٧٩٨)، والطبراني في الأوسط ١/ ٢٠٥ (٦٥٨) من طريق حماد بن سلمة، بتمامه. وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في المصنَّف (٣٣٠١٣)، وأبو داود (٤٦٥٤)، وابن ماجة (٧٥٥)، والحاكم في المستدرك ٤/ ٧٧ - ٧٨، من طريق حماد بن سلمة، مختصرًا.
وانظر: المسند الجامع ١٦/ ٥٢ (١٤٦٣٥).
(¬٢) أخرجه في المصنَّف (٢٩٥٣٥)، ومن طريقه أخرجه مسلم (٩٦) (١٥٨). وأخرجه أحمد في مسنده ٣٦/ ١٣٣ (٢١٨٠٢)، والبخاري (٤٢٦٩، ٦٨٧٢)، وأبو داود (٢٦٤٣)، والنسائي في الكبرى ٨/ ١٢ - ١٣ (٨٥٤١، ٨٥٤١)، وأبو عوانة ١/ ١٩ (١٩٢)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٨/ ٢٦٢ - ٢٦٣ (٣٢٢٧، ٣٢٢٨)، والبيهقي في الكبرى ٨/ ١٩، من طرق عن الأعمش، به. سوى البخاري، فرواه من طريق أبي ظبيان. وانظر: المسند الجامع ١/ ٩٩ - ١٠٠ (١٠٥).
(¬٣) ينظر: "الحرقي" من أنساب السمعاني.
(¬٤) في ض، م: "سعيد". والمثبت من النسخ، وانظر: مصادر التخريج.

الصفحة 34