كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)

قال عليُّ بن المدينيِّ: سمِعتُهُ من سُفيان مِرارًا، لم أسمعهُ يذكُرُ فيه سماعًا، وهُو من قديم حديثِ سُفيانَ.
قال القاضي: قد رَوَى هذا الحديثَ عن الزُّهْريِّ جماعةٌ، منهُمُ: ابنُ جُريج، ومالكُ بن أنسٍ، وليثُ بن سعدٍ، ومعمرٌ، وأبو أُوَيسٍ، وابنُ أخي الزُّهْريِّ، وابنُ عُيينةَ، فلم يقُلْ أحدٌ منهُم في حديثِهِ: إنَّ الرّجُل وُجِّه ليُقتلَ إلّا ابنَ عُيينةَ (¬١)، وقد بَلَغَني أنَّ ابنَ عُيينةَ كان رُبَّما لم يذكُر هذا الكلامَ فيه، وإنَّما الحديثُ: أنَّ رجُلًا سارَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يستأذِنُهُ في قتلِ رجُلٍ من المُنافِقينَ. وليسَ فيه: فوُجِّهَ الرَّجُلُ ليُقتلَ.
قال أبو عُمر: قد أسقطَ ابنُ عُيينةَ أيضًا من هذا الحديثِ، قولَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أليسَ يُصلِّي؟ " قالوا: بلى ولا (¬٢) صلاةَ لهُ. وهُو كلامٌ محفُوظٌ في هذا الحديثِ من وُجُوهِهِ كلِّها، ولهُ معنًى صحيحٌ جسيمٌ عندَ أهلِ العِلم. وقد تقدَّم فيما أوردنا من الأحاديثِ ما يدُلُّ على غَلطِ ابن عُيينةَ وخطئهِ في قولِهِ في هذا الحديثِ (¬٣): فلمّا وُجِّهَ الرَّجُلُ ليُقتَلَ. وبالله التَّوفيقُ.
قال إسماعيلُ القاضي: حدَّثنا أبو مُصعبٍ الزُّهْريُّ (¬٤)، قال: حدَّثنا مالكُ بن أنسٍ، عن ابن شِهاب، عن عطاءِ بن يزيد اللَّيثيِّ، عن عُبيدِ الله بن عديِّ بن الخيارِ، أنَّهُ حدَّثهُ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّهُ بينما هُو جالسٌ بين ظهْراني النّاسِ، إذ جاء رجُلٌ فسارَّهُ، فلم يُدْرَ ما سارَّهُ بهِ. فذكرَ الحديث بمِثلِ رِوايةِ يحيى حرفًا بحرفٍ.
---------------
(¬١) من قوله: "فلم يقل "إلى هنا: سقط من ر ١، ض.
(¬٢) في ض: "ولكن لا".
(¬٣) من قوله: "ما يدل" إلى هنا سقط من ر ١، ض.
(¬٤) أخرجه في الموطأ بروايته ١/ ٢٢٢ (٥٦٩)، وهو في رواية يحيى ١/ ٤٢٤ (٤٧٤)، وقد سلف تخريجه في مطلع هذا الباب.

الصفحة 36