كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)

وقال الزُّهرِيُّ: المشيُ خلفَ الجِنازةِ من خَطأ السُّنَّةِ (¬١).
وقال أحمدُ بن حنبلٍ: المشيُ أمامها أفْضَلُ، واحتجَّ بتقدِيم عُمرَ بن الخطّاب النّاسَ في جِنازةِ زينب بنتِ جَحْش (¬٢). وضعَّفَ أحمدُ حديثَ عليِّ بن أبي طالبٍ، أنَّهُ قال: فَضْلُ المَشْي خَلْفها، على المشيِ أمامَها، كفَضْلِ صلاةِ الجماعةِ، على صلاةِ الفذِّ.
قال أبو عُمر: الحديثُ ذكرهُ عبدُ الرَّزّاقِ (¬٣) عن الثَّورِيِّ، عن عُروةَ بن الحارِثِ، عن زائدةَ بن أوسٍ الكِنْديِّ، عن سعِيدِ بن عبدِ الرَّحمنِ بن أبْزَى، عن أبيهِ، قال: كُنتُ معَ عليِّ بن أبي طالبٍ في جنازةٍ، وعليٌّ آخِذٌ بيدِي، ونحنُ خَلْفَها، وأبو بكرٍ وعُمرُ يَمْشيانِ أمامَها، فقال: إنَّ فَضْلَ الماشِي خلفَها، على الذي يَمْشي أمامَها، كفَضْلِ صلاةِ الجماعةِ على صَلاةِ الفذِّ، وإنَّهُما لَيعْلمانِ من ذلكَ ما أعلمُ، ولكِنَّهُما سَهْلانِ يُسهِّلانِ على النّاس (¬٤). وبه يأخُذُ الثَّورِيُّ.
وذكر عبدُ الرَّزّاقِ (¬٥) أيضًا بإسنادٍ فيه لينٌ، من حديثِ الشّامِيِّين، عن أبي سعِيدٍ الخُدرِيِّ، عن عليِّ بن أبي طالبٍ، معنى حديثِ ابن أبْزَى عن عليٍّ، في حديثٍ فيه طُولٌ، وفيه: وقال لي عليٌّ: يا أبا سعِيدٍ، إذا أنتَ شهِدتَ جِنازةً، فقدِّمها بينَ يديكَ، واجعلها نُصبَ عَيْنيكَ، فإنَّما هِيَ مَوْعِظةٌ وتَذْكِرةٌ وعِبْرةٌ. وذكَرَ (¬٦) تمامَ الحديثِ.
---------------
(¬١) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣١٠ (٦٠٣).
(¬٢) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٣١٠ (٦٠١).
(¬٣) في المصنَّف (٦٢٦٣).
(¬٤) إسناده ضعيف، فإن زائدة بن أوس الكندي، ويقال فيه: زائدة بن خراش، مجهول تفرّد بالرواية عنه أبو غزوة عروة بن الحارث الهمداني الكوفي. تاريخ البخاري الكبير ٣/ ٤٣٢ (١٤٣٧)، والجرح والتعديل ٣/ ٦١٢، وسيأتي بعد قليل من طريق الأثرم، من أحمد، تجهيله. أما قول الدارقطني: "يعتبر به"، كما في سؤالات البرقاني عنه (١٦٨)، فلا ندري على أيّ شيء استند فيه.
(¬٥) في المصنَّف (٦٢٦٧).
(¬٦) في م: "وذلك"، وهو خطأ بيّن.

الصفحة 468