كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)
على أنَّهُم كانُوا يصُومُونَ أيام التَّشرِيقِ تطوُّعًا (¬١). وفي أسانِيدِ أخْبارِهِم تلكَ ضعفٌ، وجُمهُورُ العُلماءِ من الفُقهاءِ وأهلِ الحديثِ على كَراهِيةِ ذلك.
ذكر ابنُ عبدِ الحكِمِ (¬٢) عن مالكٍ، فقال: لا بأسَ بسردِ الصَّوم، إذا أفطرَ يومَ الفِطْرِ، ويومَ النَّحرِ، وأيامَ التَّشرِيقِ، لنَهْي رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صِيامِها. وقال في مَوْضِع آخرَ: ولا يتطوَّعُ أحَد بصِيام أيام مِنًى، لنَهْيِ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صِيام أيام مِنًى (¬٣).
واختلفُوا في المُتمتِّع إذا لم يجِدِ الهَدْي، ولم يكُن صامَ الثَّلاثةَ الأيام في الحجِّ قبلَ يوم النَّحرِ.
فقال الشّافِعيُّ والكُوفيُّونَ: لا يصُومُ المُتمتَعُّ ولا غَيرُهُ أيام التَّشرِيقِ، ولا يصُومُها أحَد بحالٍ، مُتطوِّعٌ ولا غير مُتطوِّع، وإن صامَها المُتمتِّعُ، لم تُجزِ عنهُ.
وقال المُزنيُّ: وقد كان الشّافِعيُّ قال مرَّةً: إن صامَها المُتمتِّعُ، أجْزَأت عنهُ. ثُمَّ رجعَ عن ذلكَ (¬٤).
قال أبو عُمر: قولُهُ بالعِراقِ: إنَّ المُتمتِّعَ إن لم يصُم الثَّلاثةَ أيام في الحجِّ، ما بين أن يُهِلَّ بالحجِّ إلى يَوْم عَرَفةَ، صام أيامَ التَّشرِيقِ. وهُو قولُ مالكٍ، والأوزاعِيِّ، وإسحاق.
ورُوِيَ ذلك عن ابن عُمر (¬٥)، وعائشةَ (¬٦) وعُرْوةَ، وعُبيدِ بن عُمَيرٍ (¬٧) والزُّهرِيِّ.
---------------
(¬١) انظر: المحلى ٦/ ٤٥٩.
(¬٢) في م: "عبد الحكيم". وهو أبو محمد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين المصرى. انظر: تهذيب الكمال ١٥/ ١٩١.
(¬٣) انظر: الاستذكار ٤/ ٢٣٨.
(¬٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٤١ (٥٢٨).
(¬٥) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٦٩ (١٢٨٢).
(¬٦) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٥٦٩ (١٢٨١).
(¬٧) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة ٣/ ٣٨٥ (١٥١٥٤).