كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)
والحُجَّةُ لهُ فيما ذهَبَ إليه من ذلكَ كلِّهِ، حديثُ ابن شِهاب المذكُورُ في هذا البابِ. وحديثُ جعفرِ بن محمدٍ، عن أبيهِ، عن جابرٍ: أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أشرَكَ عليًّا في هَدْيِهِ عامَ حجَّةِ الوَداع (¬١).
وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ ضَحاياهُ: "هذه عنِّي، وعَمَّن لم يُضحِّ من أُمَّتي" (¬٢).
وهذا كلُّهُ تطوُّعٌ، ليس باشتِراكٍ لازِم، على ما قال مالك رحِمهُ الله.
وقال الشّافِعيُّ (¬٣)، والأوزاعِيُّ، والثورِيُّ، وأبو حنِيفةَ وأصحابُهُم: يجُوزُ الاشتِراكُ في الهديِ التَّطوُّع، وفي الواجِبِ، وفي الضحايا: البَدَنةُ عن سَبْعةٍ، والبقَرةُ عن سَبْعةٍ (¬٤). وهُو قولُ أحمد بن حَنْبل، وأبي ثَوْرٍ، والطَّبرِيِّ، وداود بن عليٍّ. ولا يجُوزُ عِند واحِدٍ منهُمُ اشتِراكُ أكثر من سَبْعةٍ في بَدَنةٍ، ولا بَقرةٍ.
وأجمَعَ العُلماءُ: أنهُ لا يجُوزُ الاشتِراكُ في الشّاةِ لمن لَزِمهُ دمٌ. وحُجَّةُ هؤُلاءِ، حديثُ جابرٍ قال: كُنّا نَتمَتَّعُ معَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فنَذْبحُ البقَرةَ عن سَبْعةٍ، والبَدَنةَ عن سَبْعةٍ.
حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ الجُهنيُّ، قال: حدَّثنا حمزةُ بن محمدٍ الكِنانِيُّ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيبٍ النَّسوِيُّ، قال (¬٥): أخبرنا يَعْقوبُ بن إبراهِيمَ الدَّورقِيُّ،
---------------
(¬١) سلف تخريجه في حديث جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه. عند شرح حديث علي بن أبي طالب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر بعض هديه بيده. وهو في الموطأ ١/ ٥٢٨ (١١٦٩).
(¬٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢٣/ ١٣٣، ١٧٢ (١٤٨٣٧، ١٤٨٩٥)، وأبو داود (٢٨١٠)، والترمذي (١٥٢١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٧٧ - ١٧٨، والحاكم في المستدرك ٤/ ٢٢٩، والبيهقي ٩/ ٢٦٤ من حديث جابر بن عبد الله، وقد استغربه الترمذي (أي: ضعّفه).
(¬٣) انظر: الأم ٢/ ٢٢٢.
(¬٤) انظر: الاستذكار ٥/ ٢٣٩.
(¬٥) أخرجه في المجتبى ٧/ ٢٢٢، وهو في السنن الكبرى ٤/ ٢٠٢ (٤١٠٦). وأخرجه أحمد في مسنده ٢٢/ ١٦٦ (١٤٢٦٥) وعنه أبو داود (٢٨٠٧)، ومن طريقه البيهقي في الكبرى ٥/ ٢٣٤. وأخرجه مسلم (١٣١٨) (٣٥٥)، وأبو يعلى (٢٠٣٤)، وابن خزيمة (٢٩٠٢) جميعهم من طريق هشيم، به. وانظر: المسند الجامع ٤/ ٧٠ (٢٤٥٦).
الصفحة 505
520