كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)

ويُجزئه عندَ أبي حنيفةَ وأصحابِه: أن يَسْجُدهُما قبلَ السَّلام (¬١).
وقال مالكٌ (¬٢) وأصحابُهُ: كلُّ سَهْوٍ كان نُقصانًا في الصَّلاةِ، فسُجُودُهُ قبلَ السَّلام، على حديثِ ابن بُحينةَ (¬٣)، وكلُّ سهوٍ هُو زيادةٌ في الصَّلاةِ، فالسُّجُودُ فيه بعد السَّلام، على حديثِ أبي هُريرة، في قِصَّةِ ذي اليَدينِ (¬٤). وبهذا قال أبو ثور.
وقال إسحاقُ: كلُّ موضِع ليسَ فيه عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حديثٌ، فإنَّهُ يسجدُ فيه في الزِّيادةِ بعد السَّلام، وفي النُّقصانِ قبل السَّلام.
فلا خِلافَ عن مالكٍ: أنَّ السَّهو إذا اجتمعَ فيه زيادةٌ ونُقصانٌ، أنَّ السُّجُود لهُ قبل السَّلام (¬٥).
وقال أحمدُ بن حنبل: سُجُودُ السَّهوِ على ما جاءت بهِ الأخبارُ، إذا نهضَ من اثنتينِ، سجدَهُما قبل السَّلام، على حديثِ ابن بُحينةَ (¬٦).
قال أبو عُمر: هذا يدُلُّكَ على أنَّ حديثَ ابن بُحينةَ أصحُّ عندَ أحمد بن حنبل، وهُو إمامُ أهلِ الحديثِ، من حديثِ المُغيرة بن شُعبةَ، على ما ذكرتُ لك.
قال أحمدُ بن حنبل: وإذا شكَّ فرجَعَ إلى اليقينِ، سَجَدَهُما قبل السَّلام أيضًا، على حديثِ أبي سعيدٍ الخُدريِّ. قال: وإذا سلَّم منِ اثْنَتينِ، سجدَهُما بعد السَّلام، على حديثِ أبي هُريرة، في قِصَّةِ ذي اليَدَينِ. قال: وإذا شكَّ، وكان
---------------
(¬١) انظر: شرح معاني الآثار للطحاوي ١/ ٤٤٢، والاستذكار ١/ ٥٢٥.
(¬٢) المدونة ١/ ٢٢٢، والاستذكار ١/ ٥٢٦.
(¬٣) أخرجه في الموطأ ١/ ١٥٢ (٢٥٦ - ٢٥٧).
(¬٤) أخرجه في الموطأ ١/ ١٤٧ (٢٤٧).
(¬٥) انظر: الاستذكار ١/ ٥٢٦.
(¬٦) المغني لابن قدامة ٢/ ١٨.

الصفحة 68