كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)

وداود (¬١)، وأحمدُ بن حنبل، في رِوايةٍ (¬٢). وحُجَّتُهُم: أنَّ بيانهُ - صلى الله عليه وسلم - في الصَّلاةِ (¬٣) فرضٌ؛ لأنَّ أصلَ فَرْضِها مُجملٌ، يفتقِرُ إلى البيانِ، فكلُّ عملِهِ فيها فرضٌ، إلّا ما خرجَ بدليلِ سُنَّةٍ أو إجماع. واحتجُّوا أيضًا بقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا كما رأيتُمُوني أُصلِّي" (¬٤)، وبأشياءَ يطُولُ ذِكرُها، منها: حديثُ عليِّ بنِ طلقٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا فَسا (¬٥) أحدُكُم في الصلاةِ، فلينصرِفْ وليَتَوضَّأ، وليُعِدِ الصلاة" (¬٦). قالوا: وما لم يُسلِّم، فهُو في الصَّلاةِ؛ لأنَّ المُصلِّيَ لا يتحلَّلُ منها بغيرِ السَّلام.
والقولُ الثّاني: أنَّ الجُلُوسَ فيها فرضٌ، والسَّلام فرضٌ، وليس التَّشهُّدُ بواجِبٍ. ومِمَّن قال ذلك: مالكٌ وأصحابُهُ، وأحمدُ في رِوايةٍ (¬٧). وحُجَّتُهُم: أنَّ عملَ البدنِ كلَّهُ فرضٌ، للإجماع على فرضِ القيام والرُّكُوع والسُّجُودِ، فكذلك
---------------
(¬١) في م: "وأبو داود". انظر: المحلى ٣/ ٢٧٠.
(¬٢) انظر: المغني ١/ ٣٨٧.
(¬٣) قوله: "في الصَّلاةِ" سقط من ض، م.
(¬٤) أخرجه أحمد في مسنده ٣٤/ ١٥٧ - ١٥٨ (٢٠٥٢٩، ٢٠٥٣٠)، والبخاري (٦٣٠، ٦٣١)، ومسلم (٦٧٤)، من حديث مالك بن الحويرث. وانظر: المسند الجامع ١٥/ ٢٤ - ٢٥ (١١٣٠٠).
(¬٥) في م: "نسي"، وهو تحريف ظاهر.
(¬٦) أخرجه أبو داود (٢٠٥، ١٠٠٥)، والترمذي (١١٦٤)، والنسائي في الكبرى ٨/ ٢٠٢ (٨٩٧٤، ٨٩٧٥، ٨٩٧٦)، وابن حبان ٦/ ٨ (٢٢٣٧)، من طرق عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن طلق، به. وأخرجه أحمد في مسنده ١/ ٨٢ (٦٥٥) من طريق عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، عن علي بن أبي طالب، به. وهذا إسناد ضعيف؛ مسلم بن سلام هذا مجهول، ولذلك اقتصر الترمذي على تحسينه، وقال: "سمعتُ محمدًا (يعني البخاري) يقول: لا أعرف لعلي بن طلق عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير هذا الحديث الواحد، ولا أعرف هذا الحديث من حديث طلق بن علي السحيمي، وكأنه رأى أنَّ هذا رجل آخر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -".
(¬٧) انظر: المدونة ١/ ٢٢٣، والمقدمات الممهدات ١/ ١٥٩، والمغني لابن قدامة ١/ ٣٦٢ و ٢/ ٦، والاستذكار ١/ ٥٢٨.

الصفحة 73