كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 7)

هي أقربُ إلى أرضِهِ، فمنَعَهُ صاحِبُ الحائطِ، فكلَّمَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْف عُمرَ بنَ الخطابِ، فقَضى لعبدِ الرَّحمنِ بن عَوْفٍ بتحويلِه. قال مالكٌ: والرَّبيعُ: السّاقيةُ.
ومِمّا احتجَّ بهِ أيضًا من ذهَبَ مذهب الشّافِعيِّ في هذا البابِ، حديثٌ يُروى عن الأعمشِ، عن أنسٍ قال: استُشهِدَ مِنّا غُلامٌ يوم أُحُدٍ، فجعلت أُمُّهُ تمسحُ التُّراب عن وجهِهِ وتقولُ: أبْشِر، هنيئًا لك الجنّةُ، فقال لها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وما يُدريكِ؟ لعلَّهُ كان يتكلَّمُ فيما لا يعنيهِ، ويَمْنعُ ما لا يضُرُّهُ" (¬١).
وهذا الحديثُ ليس بالقويِّ؛ لأنَّ الأعمش لا يصِحُّ لهُ سماعٌ من أنسٍ، وكان مُدلِّسًا عن الضُّعفاءِ.
وممّا احتجَّ بهِ أيضًا من ذهَبَ مذهب الشّافِعيِّ في هذا البابِ (¬٢): ما وجدتُهُ في أصلِ سماع أبي، رحِمهُ اللهُ: أنَّ محمد بن أحمد بن قاسم حدَّثهُم، قال: حدَّثنا سعيدُ بن عُثمانَ، قال: حدَّثنا نصرُ بن مرزُوقٍ، قال: حدَّثنا أسَدُ بن مُوسى، قال: حدَّثنا قيسُ بن الرَّبيع، عن سِماكٍ، عن عِكرِمةَ، عن ابن عبّاس، قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "منِ ابْتَنَى فليَدْعَمْ جُذُوعَهُ على حائطِ جارِهِ" (¬٣).
---------------
(¬١) أخرجه الترمذي (٢٣١٦)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٦/ ٢١٠ (٢٤٢٣)، وأبو يعلى ٤/ ٢٣ (٤٠١٧)، وأبو نعيم في الحلية ٥/ ٥٥، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٦/ ٢٤٠ من طريق الأعمش، به. وانظر: المسند الجامع ١/ ٤٢٨ (٦٢٢). وهو حديث ضعيف، قال الترمذي: "هذا حديث غريب"، وإنما ضعّفه لانقطاعه، فإن الأعمش لم يسمع من أنس، وإنما رآه.
(¬٢) قوله: "في هذا الباب" سقط من م، ض.
(¬٣) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٦/ ٢٠٠ (٢٤٠٨) من طريق أسد بن موسى، به. وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة في المصنَّف (٢٣٤٩٠) و (٢٣٤٩٣)، وأحمد في مسنده ٤/ ١١ (٢٠٩٨)، وعبد بن حميد (٦٠٠)، وابن ماجة (٢٣٣٩)، والطبراني في الكبير ١١/ ٣٠٢ (١١٨٠٦)، والبيهقي في الكبرى ٦/ ٩٦، من طرق عن عكرمة، به. وانظر: المسند الجامع ٩/ ٢٨١ (٦٦١٠). وإسناده ضعيف؛ لأن رواية سماك عن عكرمة خاصة مضطربة كما في تهذيب الكمال ١٢/ ١٢٠.

الصفحة 85