كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 7)

[المجلد السابع]
[تتمة كتاب الثالث]
(بسم الله الرحمن الرحيم)
الخبر عن زناتة من قبائل البربر وما كان بين أجيالهم من العز والظهور وما تعاقب فيهم من الدول القديمة والحديثة
هذا الجيل في المغرب جيل قديم العهد معروف العين والأثر، وهم لهذا العهد آخذون من شعائر العرب في سكنى الخيام واتخاذ الإبل وركوب الخيل والتغلّب في الأرض وإيلاف الرحلتين، وتخطّف الناس من العمران والإباية عن الانقياد للنصفة.
وشعارهم بين البربر اللغة التي يتراطنون بها، وهي مشتهرة بنوعها عن سائر رطانة [1] البربر. ومواطنهم في سائر مواطن البربر بإفريقية والمغرب، فمنهم ببلاد النخيل ما بين غدامس والسوس الأقصى حتى أنّ عامة تلك القرى الجريدية بالصحراء منهم كما نذكره. ومنهم قوم بالتلول بجبال طرابلس وضواحي إفريقية، وبجبل أوراس بقايا منهم سكنوا مع العرب الهلاليين لهذا العهد، وأذعنوا لحكمهم، والأكثر منهم بالمغرب الأوسط حتى أنه ينسب إليهم ويعرف بهم فيقال: وطن زناتة. ومنهم بالمغرب الأقصى أمم أخرى، وهم لهذا العهد أهل دول وملك بالمغربين، وكانت لهم فيه دول أخرى في القديم، ولم يزل الملك يتداول في شعوبهم حسبما نذكره بعد لكل شعب منهم إن شاء الله تعالى.
__________
[1] وفي نسخة أخرى: رطاناتهم.

الصفحة 3