كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 7)

إلى أشير وفرّ زيري بن عطيّة إلى صحراء المغرب ورجع على باديس بعد أن ولّى على تاهرت وأشير عمّه يطوفت بن بلكّين وانتهى إلى المسيلة فبلغه خروج عمومته ماكسن وزاوي وغرم ومغنين فخاف أبو البهار إحن زيري ولحق بهم من معسكره، وبعث باديس في أثرهم عمّه حمّاد بن بلكّين، ورحل هو إلى فلفول بن سعيد بعد أن كان سرّح عساكره إليه، وهو محاصر باغاية، فهزمهم وقتل قائدهم أبا رعبل [1] . ثم بلغه وصول باديس فأفرج عنها، واتبعه باديس إلى مرماجنّة، فتزاحفوا وقد اجتمع لفلفول من قبائل زناتة والبربر أمم، فلم يثبتوا للّقاء وانكشفوا عنه. وانهزم إلى جبل الحناش، ونزل القيطون بما فيه. وكتب باديس بالفتح إلى القيروان، وقد كان الإرجاف أخذ منهم المأخذ، وفرّ كثير منهم إلى المهديّة وشرعوا في عمل الدروب بما كانوا يتوقّعون من فلفول بن سعيد حين قتل أبا رعبل، وهزم جيوش صنهاجة، وكانت الواقعة آخر سنة تسع وثمانين وثلاثمائة وانصرف باديس إلى القيروان، ثم بلغه ان أولاد زيري اجتمعوا مع فلفول بن سعيد وعاقدوه، ونزلوا جميعا فحصروا تبسة فخرج باديس من القيروان إليهم، فافترقوا ولحق العمومة بزيري بن عطية ما خلا ماكسن وابنه حسنا [2] ، فإنّهما أقاما مع فلفول. ورجع باديس في أثره سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وانتهى إلى بسكرة ففرّ فلفول إلى الرمال. وكان زيري بن عطية محاصرا لأشير أثناء هذه الفتنة، فأفرج عنها، ورجع عنها أبو البهار إلى باديس، وقفل معه إلى القيروان وتقدّم فلفول بن سعيد إلى نواحي قابس وطرابلس فاجتمع إليه من هنالك من زناتة، وملك طرابلس على ما نذكره.
(وذلك) أنّ طرابلس كانت من أعمال مصر وكان العامل عليها بعد رحيل معدّ إلى القاهرة عبد الله بن يخلف الكتامي. ولما هلك معدّ رغب بلكّين من نزال العزيز إضافتها إلى عمله، فأسعفه بها، وولّى عليها تمصولة بن بكّار من خواصّ مواليه.
نقله إليها من ولاية بونة، فلم يزل عليها إلى أن أرسل إلى الحاكم [3] بمصر يرغّب الكون في حضرته، وأن يتسلّم منه عمل طرابلس. وكان برجوان الصقلّي يستبد على
__________
[1] وفي نسخة ثانية: أبا زعيل.
[2] وفي نسخة ثانية: محسن.
[3] وفي نسخة ثانية: فأقام عليها عشرين سنة إلى أيام باديس، فتنكّرت له الأحوال عما عهد، وبعث الى الحاكم.

الصفحة 55