كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 7)

الخلاف، واستضاف النعيم بن كنون نفزاوة إلى عمله. ورجع خزرون بن سعيد عن أخيه ورّوا إلى السلطان باديس، وقدم عليه بالقيروان سنة اثنتين وأربعمائة فتقبّله ووصله، وولّاه عمل أخيه نفزاوة، وولّى بني مجلية من قومه على قفصه، وصارت مدن الماء كلّها لزناتة، وزحف ورّوا بن سعيد فيمن معه من زناتة إلى طرابلس، وبرز إليه عاملها محمد بن حسن فتواقعوا ودارت بينهم حروب شديدة انهزم فيها ورّوا، وهلك الكثير من قومه. ثم راجع حصارها وضيّق على أهلها فبعث باديس إلى خزرون وأخيه وإلى النعيم بن كنون وأمراء الجريد من زناتة بأن يخرجوا لحرب صاحبهم، فخرجوا إليه وتواقعوا بعبرة [1] ما بين قابس وطرابلس، ثم اتفقوا ولحق أصحاب خزرون بأخيه ورّوا. ورجع خزرون إلى عمله واتّهمه السلطان بالمداهنة في شأن أخيه ورّوا. فاستقدمه من نفزاوة فاستراب وأظهر الخلاف وسرّح السلطان إليه فتوح بن أحمد في العساكر فأجفل عن عمله، واتبعه النعيم وسائر زناتة، ولحقوا جميعا بورّوا بن سعيد سنة أربع وأربعمائة وتظاهروا على الخلاف ونصبوا الحرب على مدينة طرابلس.
واشتدّ فساد زناتة فقتل السلطان من كان عنده من رهن زناتة، واتفق وصول مقاتل ابن سعيد نازعا عن أخيه ورّوا في طائفة من أبنائه وأخواله [2] فقتلوا معهم جميعا، وشغل السلطان بحرب عمّه حمّاد. ولما غلبه بشلب سنته وانصرف إلى القيروان بعث إليه وورّوا بطاعته، ثم كان مهلك ورّوا سنة خمس وأربعمائة وانقسم قومه على ابنه خليفة وأخيه خزرون بن سعيد، واختلفت كلمتهم ودسّ حسن بن محمد عامل طرابلس في التصريف [3] بينهم. ثم صار أكثر زناتة إلى خليفة، وناجز عمّه خزرون الحرب فغلبه على القيطون وضبط زناتة، وقام فيهم بأمر أبيه وبعث بطاعته إلى السلطان باديس بمكانه من حصار القلعة فتقبّلها. ثم هلك باديس وولي ابنه المعزّ سنة ست وأربعمائة وانتقض خليفة بن ورّوا عليه، وكان أخوه حماد بن ورّوا يضرب على أعمال طرابلس وقابس، ويواصل عليه الغارة والنهب إلى سنة ثلاث عشرة وأربعمائة فانتقض عبد الله بن حسن صاحب طرابلس على السلطان وأمكنه من طرابلس. وكان
__________
[1] وفي نسخة ثانية: بصبرة.
[2] وفي نسخة ثانية: إخوانه.
[3] وفي نسخة ثانية: التضريب.

الصفحة 57