كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 7)

واتصلت بها إمارته انتهى ما نقله التيجاني.
(وهذا الخبر) مشكل من جهة أنّ زغبة من العرب الهلاليين وإنّما جاءوا إلى إفريقية من مصر بعد الأربعين من تلك المائة، فلا يكون وجودهم بطرابلس سنة تسع وعشرين وأربعمائة إلّا إن كان تقدّم بعض أحيائهم إلى إفريقية من قبل ذلك.
فقد كان بنو مرّة ببرقة، بعثهم الحاكم مع يحيى بن علي بن حمدون. إلا أنّ ذلك لم ينقله أحد.
ولم تزل طرابلس بأيدي بني خزرون الزناتيين ولما وصل العرب الهلاليون وغلبوا المعز بن باديس على أعمال إفريقية واقتسموها كانت قابس وطرابلس في قسمة زغبة، والبلد لبني خزرون. ثم استولى بنو سليم على الضاحية وغلبوا عليها زغبة ورحّلوهم عن تلك المواطن. ولم تزل البلد لبني خزرون. وزحف المنتصر بن خزرون مع بني عدي من قبائل هلال مجلبا على بني حمّاد حتى نزل المسيلة ونزل أشير. ثم خرج إليهم الناصر، ففرّ أمامه إلى الصحراء، ورجع إلى القلعة، فرجعوا إلى الاحلاف على أعماله، فراسله الناصر على الصلح وأقطعه ضواحي الزاب وريغة، وأوعز إلى عروس بن سندي رئيس بسكرة لعهده أن يمكر به، فلما وصل المنتصر إلى بسكرة أنزله عروس ثم قتله غيلة أعوام ستين وأربعمائة، وولي طرابلس آخر من بني خزرون لم يحضرني اسمه واختلّ ملك صنهاجة واتصل فيهم ملك تلك الأعمال إلى سنة أربعين وخمسمائة.
ثم نزل بطرابلس ونواحيها في هذا العام مجاعة، وأصابهم منه شدّة هلك فيها الناس، وفرّوا عنها وظهر اختلال أحوالها وفناء حاميتها، فوجّه إليها رجار طاغية صقلّيّة أسطولا لحاصارها بعد استيلائه على المهديّة وصفاقس واستقرار ولايته فيهما، ووقع بين أهل طرابلس الخلاف فغلب عليهم جرجي بن ميخايل قائد الأسطول وملكها، وأخرج منها بني خزرون وولّى على البلد شيخهم أبا يحيى بن مطروح التميمي، فانقرض أمر بني خزرون منها. وبقي منهم من بقي بالضاحية إلى أن افتتح الموحدون إفريقية آخر الدولة الصنهاجية. والملك للَّه وحده يؤتيه من يشاء من عباده سبحانه لا إله غيره
.

الصفحة 59