كتاب تاريخ ابن خلدون (اسم الجزء: 7)

(ولما) هلك يغمراسن وقام بالأمر بعده ابنه عثمان انتقضت عليه تونس، ثم ردّد الغزو إلى بلاد توجين ومغراوة حتى غلبهم آخرا على ما بأيديهم، وملك المرية بمداخلة بني لمدية أهلها سنة سبع وثمانين وستمائة وغلب ثابت بن منديل على مازونة، فاستولى عليها ثم نزل له عن تونس أيضا فملكها. ولم يزل عثمان مراغما لهم إلى أن زحف إليهم سنة ثلاث وتسعين وستمائة فاستولى على أمصارهم وضواحيهم، وأخرجهم عنها وألجأهم إلى الجبال. ودخل ثابت بن منديل إلى برشك ممانعا دونها، فزحف إليهم عثمان وحاصره بها حتى إذا استيقن أنه محاط به [1] ، ركب البحر إلى المغرب، ونزل على يوسف بن يعقوب سلطان بني مرين صريخا سنة أربع وتسعين وستمائة فأكرمه ووعده بالنصرة من عدوّه، وأقام بفاس وكانت بينه وبين ابن الأشهب من رجالات بني عسكر صحبة ومداخلة، فجاءه بعض الأيام الى منزله، ودخل عليه من غير استئذان وكان ابن الأشهب ثملا، فسطا به وقتله وثأر السلطان به منه، وانفجع لموته. وكان ثابت بن منديل قد أقام ابنه محمد الأمير في قومه، وولّاه عليهم لعهده واستبدّ بملك مغراوة دونه.
(ولما انصرف) أبوه ثابت إلى قومه أقام هو في إمارته على مغراوة. وهلك قريبا من مهلك أبيه، فقام بأمرهم من بعده شقيقه عليّ، ونازعه الأمر أخواه رحمون ومنيف، فقتله منيف ونكر ذلك قومهما وأبوا من إمارتهما عليهم، فلحقا بعثمان بن يغمراسن فأجازهما إلى الأندلس.
(وكان) أخوهما معمّر بن ثابت قائدا على الغزاة بالعزة [2] فنزل لمنيف عنها، فكانت أوّل ولاية وليها بالأندلس. ولحق بهم أخوهم عبد المؤمن فكانوا جميعا هنالك ومن أعقاب عبد المؤمن يعقوب بن زيان بن عبد المؤمن، ومن أعقاب منيف [3] بن عمر بن منيف وجماعة منهم لهذا العهد بالأندلس.
(ولما هلك) ثابت بن منديل سنة أربع وتسعين وستمائة كما قلناه، كفل السلطان ولده وأهله، وكان فيهم حافده راشد بن محمد، فأصهر إليه في أخته فأنكحه إياها.
ونهض إلى تلمسان سنة ثمان وتسعين وستمائة فأناخ عليها، واختطّ مدينته لحصارها
__________
[1] وفي نسخة ثانية: انه محيط به.
[2] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: بالبغيرة، وفي نسخة ثانية بالنغيرة.
[3] بياض بالأصل ولم نستطع معرفة اسم ابن عمر هذا في المراجع التي بين أيدينا.

الصفحة 90