كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

ذَلِكَ وَمِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ الْحِكْمَةُ فِي اخْتِصَاصِ عَائِشَةَ بِذَلِكَ فَقِيلَ لِمَكَانِ أَبِيهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُفَارِقُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَغْلَبِ أَحْوَالِهِ فَسَرَى سِرُّهُ لِابْنَتِهِ مَعَ مَا كَانَ لَهَا مِنْ مَزِيدِ حُبِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ إِنَّهَا كَانَتْ تُبَالِغُ فِي تَنْظِيفِ ثِيَابِهَا الَّتِي تَنَامُ فِيهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْعِلْمُ عِنْدَ الله تَعَالَى وَسَيَأْتِي مزِيد لهَذَا فِي تَرْجَمَةِ خَدِيجَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ الَّذِي نَدِينُ اللَّهَ بِهِ ان قاطمة أَفْضَلُ ثُمَّ خَدِيجَةَ ثُمَّ عَائِشَةَ وَالْخِلَافُ شَهِيرٌ وَلَكِن الْحق أَحَق ان يتبع وَقَالَ بن تَيْمِيَّةَ جِهَاتُ الْفَضْلِ بَيْنَ خَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ مُتَقَارِبَةٌ وَكَأَنَّهُ رأى التَّوَقُّف وَقَالَ بن الْقَيِّمِ إِنْ أُرِيدَ بِالتَّفْضِيلِ كَثْرَةُ الثَّوَابِ عِنْدَ اللَّهِ فَذَاكَ أَمْرٌ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ فَإِنَّ عَمَلَ الْقُلُوبِ أَفْضَلُ مِنْ عَمَلِ الْجَوَارِحِ وَإِنْ أُرِيدَ كَثْرَةُ الْعِلْمِ فَعَائِشَةُ لَا مَحَالَةَ وَإِنْ أُرِيدَ شَرَفُ الْأَصْلِ فَفَاطِمَةُ لَا مَحَالَةَ وَهِيَ فَضِيلَةٌ لَا يُشَارِكُهَا فِيهَا غَيْرُ أَخَوَاتِهَا وَإِنْ أُرِيدَ شَرَفُ السِّيَادَةِ فَقَدْ ثَبَتَ النَّصُّ لِفَاطِمَةَ وَحْدَهَا قُلْتُ امْتَازَتْ فَاطِمَةُ عَنْ أَخَوَاتِهَا بِأَنَّهُنَّ مُتْنَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا مَا امْتَازَتْ بِهِ عَائِشَةُ مِنْ فَضْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّ لِخَدِيجَةَ مَا يُقَابِلُهُ وَهِيَ أَنَّهَا أَوَّلُ مَنْ أَجَابَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَدَعَا إِلَيْهِ وَأَعَانَ عَلَى ثُبُوتِهِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ وَالتَّوَجُّهِ التَّامِّ فَلَهَا مِثْلُ أَجْرِ مَنْ جَاءَ بَعْدَهَا وَلَا يُقَدِّرُ قَدْرَ ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ وَقِيلَ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ فَاطِمَةَ وَبَقِيَ الْخِلَافُ بَيْنَ عَائِشَةَ وَخَدِيجَةَ فَرْعٌ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنِ اسْتَثْنَيْتَ فَاطِمَةَ لِكَوْنِهَا بَضْعَةً فَأَخَوَاتُهَا شَارَكْنَهَا وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَقِّ زَيْنَبَ ابْنَتِهِ لَمَّا أُوذِيَتْ عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنَ مَكَّةَ هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي أُصِيبَتْ فِيَّ وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ خِطْبَةِ عُثْمَانَ حَفْصَةَ زِيَادَةٌ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى تَزَوَّجَ عُثْمَانُ خَيْرًا مِنْ حَفْصَةَ وَتَزَوَّجَ حَفْصَةَ خَيْرٌ مِنْ عُثْمَانَ وَالْجَوَابُ عَنْ قِصَّةِ زَيْنَبَ تَقَدَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّرَ مِنْ وَأَنْ يُقَالَ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ لِفَاطِمَةَ جِهَةُ التَّفْضِيلِ الَّتِي امْتَازَتْ بِهَا عَنْ غَيْرِهَا مِنْ أَخَوَاتِهَا كَمَا تقدم قَالَ بن التِّين فِيهِ ان الزَّوْج لايلزمه التَّسْوِيَةُ فِي النَّفَقَةِ بَلْ يُفَضِّلُ مَنْ شَاءَ بَعْدَ أَنْ يَقُومَ لِلْأُخْرَى بِمَا يَلْزَمُهُ لَهَا قَالَ وَيُمْكِنُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهَا دَلِيلٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ خَصَائِصِهِ كَمَا قِيلَ إِنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ يتَبَرَّع بِهِ

الصفحة 109