كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

يَعْبُدُ اللَّهَ بِهِ إِلَّا شَيْخًا بِالْجَزِيرَةِ قَالَ فَقَدِمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ قَدْ ظَهَرَ بِبِلَادِكَ وَجَمِيعُ مَنْ رَأَيْتَهُمْ فِي ضَلَالٍ وَفِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ خَرَجَ فِي أَرْضِكَ نَبِيٌّ أَوْ هُوَ خَارِجٌ فَارْجِعْ وَصَدِّقْهُ وَآمِنْ بِهِ قَالَ زَيْدٌ فَلَمْ أَحُسَّ بِشَيْءٍ بَعْدُ قُلْتُ وَهَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ زَيْدًا رَجَعَ إِلَى الشَّامِ فَبُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ بِهِ فَرَجَعَ وَمَاتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ وَأَنَا أَسْتَطِيعُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ لِي قُدْرَةً عَلَى عَدَمِ حَمْلِ ذَلِكَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِتَخْفِيفِ النُّونِ ضَمِيرِ الْقَائِلِ وَفِي رِوَايَةٍ بِتَشْدِيدِ النُّونِ بِمَعْنَى الِاسْتِبْعَادِ وَالْمُرَادُ بِغَضَبِ اللَّهِ إِرَادَةُ إِيصَالِ الْعِقَابِ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ الْإِبْعَادُ عَنْ رَحْمَتِهِ قَوْلُهُ فَلَمَّا بَرَزَ أَيْ خَارِجَ أَرْضِهِمْ قَوْلُهُ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ الْأُولَى وَفَتْحِ الثَّانِيَةِ وَفِي حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فَانْطَلَقَ زَيْدٌ وَهُوَ يَقُولُ لَبَّيْكَ حَقًّا حَقًّا تَعَبُّدًا وَرِقًّا ثُمَّ يَخِرُّ فَيَسْجُدُ لِلَّهِ

[3828] قَوْلُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ كتب إِلَى هِشَام أَي بن عُرْوَةَ وَهَذَا التَّعْلِيقُ رُوِّينَاهُ مَوْصُولًا فِي حَدِيثِ زُغْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بزغبة عَن اللَّيْث واخرج بن إِسْحَاقَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ وَأَخْرَجَهُ الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَوْلُهُ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي زَادَ أَبُو أُسَامَةَ فِي رِوَايَتِهِ وَكَانَ يَقُولُ إِلَهِي إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ وَدِينِي دين إِبْرَاهِيم وَفِي رِوَايَة بن أَبِي الزِّنَادِ وَكَانَ قَدْ تَرَكَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ وَترك أكل مَا يذبح على النصب وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ وَكَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَوْ أَعْلَمُ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيْكَ لَعَبَدْتُكَ بِهِ وَلَكِنِّي لَا أَعْلَمُهُ ثُمَّ يَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ بِرَاحَتِهِ قَوْلُهُ وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ هُوَ مَجَازٌ وَالْمُرَادُ بِإِحْيَائِهَا إِبْقَاؤُهَا وَقَدْ فَسَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن أَبِي الزِّنَادِ وَكَانَ يَفْتَدِي الْمَوْءُودَةَ أَنْ تَقْتُلَ وَالْمَوْءُودَةُ مَفْعُولَةٌ مِنْ وَأَدَ الشَّيْءَ إِذَا أَثْقَلَ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا اسْمَ الْوَأْدِ اعْتِبَارًا بِمَا أُرِيدَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَدْفِنُونَ الْبَنَاتِ وَهُنَّ بِالْحَيَاةِ وَيُقَالُ كَانَ أَصْلُهَا مِنَ الْغَيْرَةِ عَلَيْهِنَّ لِمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الْعَرَبِ حَيْثُ سَبَى بِنْتَ آخَرَ فَاسْتَفْرَشَهَا فَأَرَادَ أَبُوهَا أَنْ يَفْتَدِيَهَا مِنْهُ فَخَيَّرَهَا فَاخْتَارَتِ الَّذِي سَبَاهَا فَحَلَفَ أَبُوهَا لَيَقْتُلَنَّ كُلَّ بِنْتٍ تُولَدُ لَهُ فَتُبِعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ شَرَحْتُ ذَلِكَ مُطَوَّلًا فِي كِتَابِي فِي الْأَوَائِلِ وَأَكْثَرُ مَنْ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْهُمْ مِنَ الْإِمْلَاقِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى

[3892] وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحن نرزقكم واياهم وَقِصَّةُ زَيْدٍ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الثَّانِي فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ كَانَ سَبَبًا قَوْلُهُ أَكْفِيكَ مُؤْنَتَهَا كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ أَكْفِيكَهَا مُؤْنَتَهَا زَادَ أَبُو أُسَامَةَ فِي رِوَايَتِهِ وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ زَيْدٍ فَقَالَ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَة امة وَحده بيني وَبَين عِيسَى بن مَرْيَمَ وَرَوَى الْبَغَوِيُّ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ حَدِيثِ جَابر نَحْو هَذِه الزِّيَادَة وسَاق لَهُ بن إِسْحَاق أشعارا قَالَهَا فِي مجانبة الْأَوْثَان لانطيل بذكرها

الصفحة 145