كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)
يُشْعِرُ بِالْأَوَّلِيَّةِ مُطْلَقًا قَوْلُهُ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ أُخْتُ الْمَقْتُولِ كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْهُمْ هُوَ عَبْدُ الْعُزَّى بْنُ أَبِي قَيْسٍ الْعَامِرِيُّ وَاسْمُ وَلَدِهَا مِنْهُ حويطب بمهملتين مصغر ذكر ذَلِكَ الزُّبَيْرُ وَقَدْ عَاشَ حُوَيْطِبٌ بَعْدَ هَذَا دَهْرًا طَوِيلًا وَلَهُ صُحْبَةٌ وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَنِسْبَتُهَا إِلَى بَنِي هَاشِمٍ مَجَازِيَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ كَانَتْ زَوْجًا لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهَا فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا أَيْ غَيْرَ حُوَيْطِبٍ قَوْلُهُ أَنْ تُجِيزَ ابْنِي بِالْجِيمِ وَالزَّايِ أَي تهبه مايلزمه مِنَ الْيَمِينِ وَقَوْلُهَا وَلَا تُصْبِرْ يَمِينَهُ بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ أَصْلُ الصَّبْرِ الْحَبْسُ وَالْمَنْعُ وَمَعْنَاهُ فِي الْأَيْمَانِ الْإِلْزَامُ تَقُولُ صَبَّرْتُهُ أَيْ أَلْزَمْتُهُ أَنْ يَحْلِفَ بِأَعْظَمِ الْأَيْمَانِ حَتَّى لَا يَسْعَهُ ان لايحلف قَوْلُهُ حَيْثُ تُصْبَرُ الْأَيْمَانُ أَيْ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمقَام قَالَه بن التِّينِ قَالَ وَمِنْ هُنَا اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى انه لايحلف بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصَابِ الزَّكَاةِ كَذَا قَالَ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا الِاسْتِدْلَالُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ قَوْلُهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَلَا عَلَى اسْمِ أَحَدٍ مِنْ سَائِرِ الْخَمْسِينَ إِلَّا مَنْ تَقَدَّمَ وَزَادَ بن الْكَلْبِيِّ ثُمَّ حَلَفُوا عِنْدَ الرُّكْنِ أَنَّ خِدَاشًا بَرِيء من دم للمقتول قَوْله فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ قَالَ بن التِّين كَأَن الَّذِي أخبر بن عَبَّاسٍ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ اطْمَأَنَّتْ نَفْسُهُ إِلَى صِدْقِهِمْ حَتَّى وَسِعَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ حِينَ الْقَسَامَةِ لَمْ يُولَدْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ هُوَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَمْكَنُ فِي دُخُولِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحِ قَوْلُهُ فَمَا حَالَ الْحَوْلُ أَيْ مِنْ يَوْمِ حَلَفُوا قَوْلُهُ وَمِنَ الثَّمَانِيَةِ وَأَرْبَعِينَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَر وَفِي الثَّمَانِية وَعند الْأصيلِيّ وَالْأَرْبَعِينَ وَقَوله عَيْنٌ تَطْرِفُ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ تَتَحَرَّكُ زَادَ بن الْكَلْبِيِّ وَصَارَتْ رِبَاعُ الْجَمِيعِ لِحُوَيْطِبٍ فَبِذَلِكَ كَانَ أَكْثَرُ مَنْ بِمَكَّةَ رِبَاعًا وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيق بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَلَفَ نَاسٌ عِنْدَ الْبَيْتِ قَسَامَةً عَلَى بَاطِلٍ ثُمَّ خَرَجُوا فَنَزَلُوا تَحْتَ صَخْرَةٍ فَانْهَدَمَتْ عَلَيْهِمْ وَمِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُصِيبُونَ فِي الْحَرَمِ شَيْئًا إِلَّا عُجِّلَتْ لَهُمْ عُقُوبَتُهُ وَمِنْ طَرِيقِ حُوَيْطِبٍ أَنَّ أَمَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَاذَتْ بِالْبَيْتِ فَجَاءَتْهَا سَيِّدَتُهَا فَجَبَذَتْهَا فَشَلَّتْ يَدُهَا وَرُوِّينَا فِي كِتَابِ مُجَابِي الدَّعْوَةِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ فِي مَعْنَى سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ بِالْحَرَمِ لِلْمَظْلُومِ فِيمَنْ ظَلَمَهُ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ كَانَ يُفْعَلُ بِهِمْ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِيَتَنَاهَوْا عَنِ الظُّلْمِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ الْبَعْثَ فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَخَّرَ الْقِصَاصَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ يُوشِكُ أَنْ لَا يُصِيبَ أَحَدٌ فِي الْحَرَمِ شَيْئًا إِلَّا عُجِّلَتْ لَهُ الْعُقُوبَةُ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ عِنْدَ قَبْضِ الْعِلْمِ وَتَنَاسِي أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ أُمُورَ الشَّرِيعَةِ فَيَعُودُ الْأَمْرُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عشر
[3846] قَوْله عَن هِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ قَوْلُهُ يَوْمَ بُعَاثٍ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَّلِ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ وَأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ الْبَعْثِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقَوْلُهُ فِيهِ وَجُرِحُوا بِالْجِيمِ الْمَضْمُومَةِ ثُمَّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَلِبَعْضِهِمْ وَخَرَجُوا بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ بَعْدَهَا جِيمٌ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ تَسْمِيَةِ مَنْ جُرِحَ مِنْهُمْ فِي تِلْكَ الْوَقْعَةِ حُضَيْرُ الْكَتَائِبِ وَالِدُ أُسَيْدٍ فَمَاتَ مِنْهَا الحَدِيث السَّادِس عشر
[3847] قَوْله قَالَ بن وَهْبٍ إِلَخْ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِ حَرْمَلَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ قَوْلُهُ لَيْسَ السَّعْيُ أَيْ شِدَّةُ الْمَشْيِ قَوْلُهُ سُنَّةً فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِسنة قَالَ بن التِّين خُولِفَ بن عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ بَلْ قَالُوا إِنَّهُ فَرِيضَةٌ قلت لم يرد بن عَبَّاسٍ أَصْلَ السَّعْيِ وَإِنَّمَا أَرَادَ شِدَّةَ الْعَدْوِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فَرِيضَةً وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ فِي تَرْجَمَةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي قِصَّةِ هَاجَرَ أَنَّ مَبْدَأَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كَانَ مِنْ
الصفحة 158