كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)
(قَوْله بَاب مالقي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ مِنَ الْمُشْركين بِمَكَّة)
أَي من وُجُوه الْأَذَى وَذَكَرَ فِيهِ أَحَادِيثَ فِي الْمَعْنَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ من قَوْمك وَكَانَ أَشد مالقيت مِنْهُمْ فَذَكَرَ قِصَّتَهُ بِالطَّائِفِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أُوذِيتُ فِي اللَّهِ وَمَا يُؤْذَى أَحَدٌ وَأُخِفْتُ فِي اللَّهِ وَمَا يخَاف أحد الحَدِيث واخرج بن عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رَفَعَهُ مَا أُوذِيَ أَحَدٌ مَا أُوذِيتُ ذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَةِ يُوسُفَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَيُوسُفُ ضَعِيفٌ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ بِمَا جَاءَ مِنْ صِفَاتِ مَا أُوذِيَ بِهِ الصَّحَابَةُ كَمَا سَيَأْتِي لَوْ ثَبَتَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَعْنَى حَدِيثِ أَنَسٍ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ مَا أُوذِيَ بِهِ مَنْ قَبْلَهُ فَتَأَذَّى بِذَلِكَ زِيَادَةً عَلَى مَا آذَاهُ قَوْمُهُ بِهِ وَرَوَى بن إِسْحَاق من حَدِيث بن عَبَّاس وَذكر الصَّحَابَة فَقَالَ وَالله ان كَانُوا لَيَضْرِبُونَ أَحَدَهُمْ وَيُجِيعُونَهُ وَيُعَطِّشُونَهُ حَتَّى مَا يَقْدِرُ أَنْ يَسْتَوِيَ جَالِسًا مِنْ شِدَّةِ الضَّرِّ حَتَّى يَقُولُوا لَهُ اللَّاتُ وَالْعُزَّى إِلَهُكَ مِنْ دون الله فَيَقُول نعم وروى بن ماجة وبن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلَامَهُ سَبْعَةٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَمَّارٌ وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ وَصُهَيْبٌ وَبِلَالٌ وَالْمِقْدَادُ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِقَوْمِهِ وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ وَأَوْقَفُوهُمْ فِي الشَّمْسِ الْحَدِيثَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ جَمِيعَ مَا أُوذِيَ بِهِ أَصْحَابُهُ كَانَ يَتَأَذَّى هُوَ بِهِ لِكَوْنِهِ بِسَبَبِهِ وَاسْتُشْكِلَ أَيْضًا بِمَا أُوذِيَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنَ الْقَتْلِ كَمَا فِي قِصَّةِ زَكَرِيَّا وَوَلَدِهِ يَحْيَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا غَيْرُ إِزْهَاقِ الرُّوحِ ثَمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ
[3852] قَوْلُهُ حَدَّثَنَا بَيَانٌ هُوَ بن بشر وَإِسْمَاعِيل هُوَ بن أبي خَالِد وَقيس هُوَ بن أَبِي حَازِمٍ وَخَبَّابٌ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى ثَقِيلَةٌ قَوْلُهُ بُرْدَةٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّنْوِينِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْهَاءِ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِلَفْظِ بُرْدَةٌ لَهُ قَوْلُهُ أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا زَادَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْمَبْعَثِ أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا قَوْلُهُ فَقَعَدَ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ أَيْ مِنْ أَثَرِ النَّوْمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْغَضَبِ وَبِهِ جزم بن التِّينِ قَوْلُهُ لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَيُمْشَطُ بِمِشَاطِ الْحَدِيدِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَمْشَاطُ هُوَ جَمْعُ مِشْطٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِضَمِّهَا يُقَال مشاط وامشاط كرماح وارماح وَأنكر بن دُرَيْدٍ الْكَسْرَ فِي الْمُفْرَدِ وَالْأَشْهَرُ فِي الْجَمْعِ مِشَاطٌ وَرِمَاحٌ قَوْلُهُ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ فِي الرِّوَايَةِ الْمَاضِيَةِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ قَوْلُهُ وَيُوضَعُ الْمِيشَارُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بِهَمْزٍ وَبِغَيْرِ هَمْزٍ تَقُولُ وَشَرْتُ الْخَشَبَةَ وَأَشَرْتُهَا وَيُقَالُ فِيهِ بِالنُّونِ وَهِيَ أَشْهَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ
الصفحة 166