كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)
دِينَنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ فَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ غَمَزُوهُ وَذَكَرَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ فِي الثَّالِثَةِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ وَأَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ يَا أَبَا الْقَاسِمِ مَا كُنْتَ جَاهِلًا فَانْصَرِفْ رَاشِدًا فَانْصَرَفَ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ اجْتَمَعُوا فَقَالُوا ذَكَرْتُمْ مَا بَلَغَ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَتَاكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ طَلَعَ فَقَالُوا قُومُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ أَخَذَ بِمَجَامِعِ ثِيَابِهِ وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ دُونَهُ وَهُوَ يَبْكِي فَقَالَ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ قَوْلُهُ وَقَالَ عَبْدَةُ عَنْ هِشَام أَي بن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ هَكَذَا خَالَفَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ أَخَاهُ يَحْيَى بْنَ عُرْوَةَ فِي الصَّحَابِيِّ فَقَالَ يَحْيَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَقَالَ هِشَامٌ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَيُرَجِّحُ رِوَايَةَ يَحْيَى مُوَافَقَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَلَى أَنَّ قَوْلَ هِشَامٍ غَيْرُ مَدْفُوعٍ لِأَنَّ لَهُ أَصْلًا مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَمْرٍو الْآتِيَةِ عَقِبَ هَذَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ سَأَلَهُ مَرَّةً وَسَأَلَ أَبَاهُ أُخْرَى وَيُؤَيِّدُهُ اخْتِلَافُ السِّيَاقَيْنِ وَقَدْ ذَكَرْتُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُرْوَةَ رَوَاهُ عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادٍ آخَرَ عَنْ عُثْمَانَ فَلَا مَانِعَ مِنَ التَّعَدُّدِ نَعَمْ لَمْ تَتَّفِقِ الرُّوَاةُ عَنْ هِشَامٍ عَلَى قَوْلِهِ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَإِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ بِلَالٍ وَافَقَ عَبْدَةَ عَلَى ذَلِكَ وَخَالَفَهُمَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ فَقَالَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ فِي خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ مِنْ طَرِيقِهِ وَأخرجه أَبُو يعلى وبن حِبَّانَ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَلَفْظُهُ مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا أَرَادُوا قَتْلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا يَوْمًا أُغْرُوا بِهِ وَهُمْ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ جُلُوسٌ وَهُوَ يُصَلِّي عِنْدَ الْمَقَامِ فَقَامَ إِلَيْهِ عُقْبَةُ فَجَعَلَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ جذبه حَتَّى وَجب لِرُكْبَتَيْهِ وَتَصَايَحَ النَّاسُ وَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ يَشْتَدُّ حَتَّى أَخَذَ بِضَبْعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ وَرَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ أَتَقْتُلُونَ رجلا ان يَقُول رَبِّي الله ثُمَّ انْصَرَفُوا عَنْهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ مَرَّ بِهِمْ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُرْسِلْتُ إِلَيْكُمْ إِلَّا بِالذَّبْحِ فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ يَا مُحَمَّدُ مَا كُنْتَ جَهُولًا فَقَالَ أَنْتَ مِنْهُمْ وَيَدُلُّ عَلَى التَّعَدُّدِ أَيْضًا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل من حَدِيث بن عَبَّاسٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَامُ قَالَتْ اجْتَمَعَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْحِجْرِ فَقَالُوا إِذَا مَرَّ مُحَمَّدٌ ضَرَبَهُ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا ضَرْبَةً فَسَمِعْتُ ذَلِكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ اسْكُتِي يَا بُنَيَّةُ ثُمَّ خَرَجَ فَدخل عَلَيْهِم فَرفعُوا رؤوسهم ثُمَّ نَكَسُوا قَالَتْ فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَرَمَى بِهَا نَحْوَهُمْ ثُمَّ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ فَمَا أَصَابَ رَجُلًا مِنْهُمْ إِلَّا قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ كَافِرًا وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَقَدْ ضَرَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلَ يُنَادِي وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ
الصفحة 169