كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

وَكَانُوا يُسَمُّونَ مَنْ أَسْلَمَ صَابِيًا لِأَنَّهُ مِنْ صَبَا يَصْبُو إِذَا انْتَقَلَ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ قَوْلُهُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَوْجَعُوهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي قُتَيْبَةَ فَضُرِبْتُ لِأَمُوتَ أَيْ ضُرِبْتُ ضَرْبًا لايبالي مَنْ ضَرَبَنِي أَنْ لَوْ أَمُوتُ مِنْهُ قَوْلُهُ فأقلعوا عني أَيْ كَفُّوا قَوْلُهُ فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي قُتَيْبَةَ فَقَالَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ بِالْأَمْسِ وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى حُسْنِ تَأَتِّي الْعَبَّاسِ وَجَوْدَةِ فِطْنَتِهِ حَيْثُ تَوَصَّلَ إِلَى تَخْلِيصِهِ مِنْهُمْ بِتَخْوِيفِهِمْ مِنْ قَوْمِهِ أَنْ يُقَاصُّوهُمْ بِأَنْ يَقْطَعُوا طُرُقَ مَتْجَرِهِمْ وَكَانَ عَيْشُهُمْ مِنَ التِّجَارَةِ فَلِذَلِكَ بَادَرُوا إِلَى الْكَفِّ عَنْهُ وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى تَقَدُّمِ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْمَبْعَثِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحِكَايَةِ عَنْ عَلِيٍّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَمِنْ قَوْلِهِ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ إِنِّي وُجِّهَتْ لِيَ أَرْضٌ ذَاتُ نَخْلٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِأَنَّ وُقُوعَ ذَلِكَ كَانَ قُرْبَ الْهِجْرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ بَابُ إِسْلَامِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ)
أَيِ بن عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَأَبُوهُ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَأَنَّهُ بن بن عَمِّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ بن عُيَيْنَة وَإِسْمَاعِيل هُوَ بن أبي خَالِد وَقيس هُوَ بن أَبِي حَازِمٍ

[3862] قَوْلُهُ لَقَدْ رَأَيْتُنِي بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْمَعْنَى رَأَيْتُ نَفْسِي وَإِنَّ عُمَرَ لَمُوثِقِي عَلَى الْإِسْلَامِ أَيْ رَبَطَهُ بِسَبَبِ إِسْلَامِهِ إِهَانَةً لَهُ وَإِلْزَامًا بِالرُّجُوعِ عَنِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ فِي مَعْنَاهُ كَانَ يُثَبِّتُنِي عَلَى الْإِسْلَامِ وَيُسَدِّدُنِي كَذَا قَالَ وَكَأَنَّهُ ذَهَلَ عَنْ قَوْلِهِ هُنَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ فَإِنَّ وُقُوعَ التَّثْبِيتِ مِنْهُ وَهُوَ كَافِرٌ لِضَمْرِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ بَعِيدٌ جِدًّا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ بَابُ مَنِ اخْتَارَ الضَّرْبَ وَالْقَتْلَ وَالْهَوَانَ عَلَى الْكُفْرِ وَكَأَنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ زَوْجَ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْخَطَّابِ أُخْتِ عُمَرَ وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي آخِرِ بَابِ إِسْلَامِ عُمَرَ رَأَيْتُنِي مُوثِقِي عُمَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ أَنَا وَأُخْتُهُ وَكَانَ إِسْلَامُ عُمَرَ مُتَأَخِّرًا عَنْ إِسْلَامِ أُخْتِهِ وَزَوْجِهَا لِأَنَّ أَوَّلَ الْبَاعِثِ لَهُ عَلَى دُخُولِهِ فِي الْإِسْلَام ماسمع فِي بَيْتِهَا مِنَ الْقُرْآنِ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ ذَكَرَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَنَّ أُحُدًا ارْفَضَّ أَيْ زَالَ مِنْ مَكَانِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ انْقَضَّ بِالنُّونِ وَالْقَافِ بَدَلَ الرَّاءِ وَالْفَاءِ أَي سقط وَزعم بن التِّينِ أَنَّهُ أَرْجَحُ الرِّوَايَاتِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالنُّونِ وَالْفَاءِ وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَوَّلِ قَوْلُهُ لَكَانَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ لَكَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَكَانَ حَقِيقًا أَيْ وَاجِبًا تَقُولُ حَقٌّ عَلَيْكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا وَأَنْتَ حَقِيقٌ أَنْ تَفْعَلَهُ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ سَعِيدٌ لِعَظْمِ قَتْلِ عُثْمَانَ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا قَالَ بن التِّينِ قَالَ سَعِيدٌ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ مَعْنَاهُ لَوْ تَحَرَّكَتِ الْقَبَائِلُ وَطَلَبَتْ بِثَأْرِ عُثْمَانَ لَكَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ وَهَذَا بَعِيدٌ من التَّأْوِيل

الصفحة 176