كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

مِنْ جُمْلَةِ مَكَّةَ فَلَا تَعَارُضَ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ فَرَأَيْتُهُ فِرْقَتَيْنِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ وَكَذَا وَقَعَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ بن مرْدَوَيْه بَيَان المُرَاد فَاخْرُج من وَجه اخر عَن بن مَسْعُودٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ نَصِيرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَضَحَ أَنَّ مُرَادَهُ بِذِكْرِ مَكَّةَ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَيَجُوزُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ وَهُمْ لَيْلَتَئِذٍ بِمِنًى قَوْلُهُ فَقَالَ اشْهَدُوا أَيِ اضْبِطُوا هَذَا الْقَدْرَ بِالْمُشَاهَدَةِ قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو الضُّحَى إِلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فَإِنَّ أَبَا الضُّحَى مِنْ شُيُوخِ الْأَعْمَشِ فَيَكُونُ لِلْأَعْمَشِ فِيهِ إِسْنَادَانِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ وَرُوِّينَاهُ فِي فَوَائِد أبي طاهرالذهلي مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ كِلَاهُمَا عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي الضُّحَى بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ كُفَّارُ قُرَيْش هَذَا سحر سحركم بن أَبِي كَبْشَةَ فَانْظُرُوا إِلَى السِّفَارِ فَإِنْ أَخْبَرُوكُمْ أَنَّهُمْ رَأَوْا مِثْلَ مَا رَأَيْتُمْ فَقَدْ صَدَقَ قَالَ فَمَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ إِلَّا أَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ لَفْظُ هُشَيْمٍ وَعِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ انْشَقَّ الْقَمَر بِمَكَّة نَحوه وَفِيه فان مُحَمَّدًا لايستطيع أَنْ يَسْحَرَ النَّاسَ كُلَّهُمْ قَوْلُهُ وَتَابَعَهُ مُحَمَّدُ بن مُسلم هُوَ الطَّائِفِي وبن أَبِي نَجِيحٍ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَاسْمُ أَبِيهِ يَسَارٌ بِتَحْتَانِيَّةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ خَفِيفَةٍ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ تَابَعَ إِبْرَاهِيمَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ فِي قَوْلِهِ إِنَّ ذَلِكَ كَانَ بِمَكَّةَ لَا فِي جَمِيعِ سِيَاقِ الْحَدِيثِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ بن مَسْعُودٍ تَارَةً بِمِنًى وَتَارَةً بِمَكَّةَ إِمَّا بِاعْتِبَارِ التَّعَدُّدِ إِنْ ثَبَتَ وَإِمَّا بِالْحَمْلِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بمنى وَمن قَالَ انه كَانَ بِمَكَّةَ لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّ مَنْ كَانَ بِمِنًى كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا بِمِنًى قَالَ فِيهَا وَنَحْنُ بِمِنًى وَالرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا بِمَكَّةَ لَمْ يَقُلْ فِيهَا وَنَحْنُ وَإِنَّمَا قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ يَعْنِي أَنَّ الِانْشِقَاقَ كَانَ وَهُمْ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ دَعْوَى الدَّاوُدِيِّ أَنَّ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ تَضَادًّا وَاللَّهُ اعْلَم وبن أَبِي نَجِيحٍ رَوَاهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ وَصَلَهَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ بن عُيَيْنَة وَمُحَمّد بن مُسلم جَمِيعًا عَن بن أَبِي نَجِيحٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ رَأَيْتُ الْقَمَرَ مُنْشَقًّا شُقَّتَيْنِ شُقَّةً عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَشُقَّةً عَلَى السُّوَيْدَاءِ وَالسُّوَيْدَاءُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالتَّصْغِيرِ نَاحِيَةٌ خَارِجَ مَكَّة عِنْدهَا جبل وَقَول بن مَسْعُودٍ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَآهُ كَذَلِكَ وَهُوَ بِمِنًى كَأَنْ يَكُونَ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ بِحَيْثُ رَأَى طَرَفَ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَمَرُ اسْتَمَرَّ مُنْشَقًّا حَتَّى رَجَعَ بن مَسْعُودٍ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ فَرَآهُ كَذَلِكَ وَفِيهِ بُعْدٌ وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ غَالِبُ الرِّوَايَاتِ أَنَّ الِانْشِقَاقَ كَانَ قُرْبَ غُرُوبِهِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ إِسْنَادُهُمُ الرُّؤْيَةَ إِلَى جِهَةِ الْجَبَلِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الِانْشِقَاقُ وَقَعَ أَوَّلَ طُلُوعِهِ فَإِنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَوِ التَّعْبِيرُ بِأَبِي قُبَيْسٍ مِنْ تَغْيِيرِ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثُبُوتُ رُؤْيَتِهِ مُنْشَقًّا إِحْدَى الشِّقَتَيْنِ عَلَى جَبَلٍ وَالْأُخْرَى عَلَى جَبَلٍ آخَرَ وَلَا يُغَايِرُ ذَلِكَ قَوْلَ الرَّاوِي الْآخَرِ رَأَيْتُ الْجَبَلَ بَيْنَهُمَا أَيْ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ لِأَنَّهُ إِذَا ذَهَبَتْ فِرْقَةٌ عَنْ يَمِينِ الْجَبَلِ وَفِرْقَةٌ عَنْ يَسَارِهِ مَثَلًا صَدَقَ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا وَأَيُّ جَبَلٍ آخَرَ كَانَ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ صَدَقَ أَنَّهَا عَلَيْهِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْقَمَرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظٍ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اشْهَدُوا اشْهَدُوا وَلَيْسَ فِيهِ تَعْيِينُ مَكَانٍ وَأَخْرَجَهُ بن مرْدَوَيْه من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظٍ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ انْشَقَّ الْقَمَرُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَر يَقُولُ كَمَا شَقَقْتُ الْقَمَرَ كَذَلِكَ أُقِيمُ السَّاعَة قَوْله فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ

[3870] أنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصرا

الصفحة 184