كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

وَجَاءَ فِي قِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ أَنَّهَا هَاءُ تَأْنِيثٍ وَشَبَّهَهَا أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ اللَّيْثِ بِالتَّابُوتِ وَالتَّابُوهُ قَوْلُهُ ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِزِيَادَةِ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ وَكَذَا وَقَعَ مَضْمُومًا إِلَى رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ أَنَّهُ مُدْرَجٌ وَذَكَرْتُ مَنْ فَصَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ قَدَّمْتُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ هُنَاكَ وَوَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَفِيهِ أَيْضًا ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَدًا وَزَادَ بن إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ أَنَّهُ رَأَى هُنَاكَ أَقْوَامًا بِيضَ الْوُجُوهِ وَأَقْوَامًا فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ فَدَخَلُوا نَهْرًا فَاغْتَسَلُوا فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَتْ أَلْوَانُهُمْ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْأُمَوِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُمْ دَخَلُوا مَعَهُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ وَصَلَّوْا فِيهِ جَمِيعًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَكْثَرُ الْمَخْلُوقَاتِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مِنْ جَمِيعِ الْعَوَالِمِ مَنْ يَتَجَدَّدُ مِنْ جِنْسِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا غَيْرَ مَا ثَبَتَ عَنِ الْمَلَائِكَةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ قَوْلُهُ ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا أَيْ دِينُ الْإِسْلَامِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ تَسْمِيَةِ اللَّبَنِ فِطْرَةً لِأَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ يَدْخُلُ بَطْنَ الْمَوْلُودِ وَيَشُقُّ أَمْعَاءَهُ وَالسِّرُّ فِي مَيْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَأْلُوفًا لَهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَنْشَأُ عَنْ جِنْسِهِ مَفْسَدَةٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ إِتْيَانَهُ الْآنِيَةَ كَانَ بَعْدَ وُصُولِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَسَيَأْتِي فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ فَذَكَرَهُ قَالَ وَأُتِيتُ بِثَلَاثَةِ أَقْدَاحٍ الْحَدِيثَ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ الْبَابِ إِلَّا أَنَّ شُعْبَةَ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْإِسْنَادِ مَالِكَ بْنَ صَعْصَعَةَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد بن عَائِذٍ فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ بَعْدَ ذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا فَإِذَا نَحْنُ بِثَلَاثَةِ آنِيَةٍ مُغَطَّاةٍ فَقَالَ جِبْرِيلُ يَا مُحَمَّدُ أَلَا تَشْرَبُ مِمَّا سَقَاكَ رَبُّكَ فَتَنَاوَلْتُ إِحْدَاهَا فَإِذَا هُوَ عَسَلٌ فَشَرِبْتُ مِنْهُ قَلِيلًا ثُمَّ تَنَاوَلْتُ الْآخَرَ فَإِذَا هُوَ لَبَنٌ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى رَوِيتُ فَقَالَ أَلَا تَشْرَبُ مِنَ الثَّالِثِ قُلْتُ قَدْ رَوِيتُ قَالَ وَفَّقَكَ اللَّهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الثَّالِثَ كَانَ خَمْرًا لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ مَاءً وَلَمْ يَذْكُرِ الْعَسَل وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَلَمَّا أَتَى الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ فَأَخَذَ اللَّبَنَ الْحَدِيثَ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا أَنَّ إِتْيَانَهُ بِالْآنِيَةِ كَانَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْمِعْرَاجِ وَلَفْظُهُ ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَ جِبْرِيلُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ جِبْرِيلُ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ وَفِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فَصَلَّيْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ وَأَخَذَنِي مِنَ الْعَطَشِ أَشَدُّ مَا أَخَذَنِي فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ عَسَلٌ فَعَدَلْتُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ هَدَانِي اللَّهُ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ شَيْخٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَعْنِي لِجِبْرِيلَ أَخَذَ صَاحِبُكَ الْفطْرَة وَفِي حَدِيث أبي سعيد عِنْد بن إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ الْإِسْرَاءِ فَصَلَّى بِهِمْ يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ ثُمَّ أُتِيَ بِثَلَاثَةِ آنِيَةٍ إِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ وَإِنَاءٍ فِيهِ خَمْرٌ وَإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ الْحَدِيثَ وَفِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ عِنْدَهُ نَحْوَهُ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ إِنَاءَ الْمَاءِ وَوَقَعَ بَيَانُ مَكَانِ عَرْضِ الْآنِيَةِ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْأَشْرِبَةِ وَلَفْظُهُ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِإِنَاءٍ فِيهِ خَمْرٌ وَإِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي

الصفحة 215