كتاب فتح الباري لابن حجر (اسم الجزء: 7)

إِن فعلنَا فَإِن غشينا من ذَلِك شَيْئا كَانَ قَضَاء ذَلِك إِلَى الله

(قَوْلُهُ بَابُ وُفُودِ الْأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَبَيْعَةِ الْعَقَبَةِ)
ذَكَرَ بن إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِي طَالِبٍ قَدْ خَرَجَ إِلَى ثَقِيفٍ بِالطَّائِفِ يَدْعُوهُمْ إِلَى نَصْرِهِ فَلَمَّا امْتَنَعُوا مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ شَرْحُهُ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ وَذَكَرَ بِأَسَانِيدَ مُتَفَرِّقَةٍ أَنَّهُ أَتَى كِنْدَةَ وَبَنِي كَعْبٍ وَبَنِي حُذَيْفَةَ وَبَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَغَيْرَهُمْ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى مَا سَأَلَ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَكَانَ فِي تِلْكَ السِّنِينَ أَيِ الَّتِي قَبْلَ الْهِجْرَةِ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ وَيُكَلِّمُ كُلَّ شَرِيفِ قَوْمٍ لَا يَسْأَلُهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْوُهُ وَيَمْنَعُوهُ وَيَقُولُ لَا أُكْرِهُ أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى شَيْءٍ بَلْ أُرِيدُ أَنْ تَمْنَعُوا مَنْ يُؤْذِينِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي فَلَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ بَلْ يَقُولُونَ قَوْمُ الرَّجُلِ أَعْلَمُ بِهِ وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيّ واصله عِنْد احْمَد وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ رَبِيعَةَ بْنِ عِبَادٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ يَتْبَعُ النَّاسَ فِي مَنَازِلِهِمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْحَدِيثَ وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْسِمِ فَيَقُولُ هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ فَأَجَابَهُ ثُمَّ خَشِيَ أَنْ لَا يَتْبَعَهُ قَوْمُهُ فَجَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ آتِي قَوْمِي فَأُخْبِرُهُمْ ثُمَّ آتِيكَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ قَالَ نَعَمْ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَجَاءَ وَفْدُ الْأَنْصَارِ فِي رَجَبٍ وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِل بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ خَرَجَ وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى مِنًى حَتَّى دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْعَرَبِ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ نَسَّابَةً فَقَالَ مَنِ الْقَوْمُ فَقَالُوا مِنْ رَبِيعَةَ فَقَالَ مِنْ أَيِّ رَبِيعَةَ أَنْتُمْ قَالُوا مِنَ ذهل فَذكرُوا حَدِيثًا طَوِيلًا فِي مُرَاجَعَتِهِمْ وَتَوَقُّفِهِمْ أَخِيرًا عَنِ الْإِجَابَةِ قَالَ ثُمَّ دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَهُمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَنْصَارَ لِكَوْنِهِمْ أَجَابُوهُ إِلَى إِيوَائِهِ وَنَصْرِهِ قَالَ فَمَا نَهَضُوا حَتَّى بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى وَذكر بن إِسْحَاقَ أَنَّ أَهْلَ الْعَقَبَةِ الْأُولَى كَانُوا سِتَّةَ نَفَرٍ وَهُمْ أَبُو أُمَامَةَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ النَّجَّارِيُّ وَرَافِعُ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْعَجْلَانِ الْعَجْلَانِيُّ وَقُطْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ حَدِيدَةَ وَجَابِرُ بْنُ عبد الله بن رثاب وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ وَعَوْفُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رِفَاعَةَ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَأَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ هُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ وَرَافِعُ بْنُ مَالِكٍ ومعاذ بن عَفْرَاءَ وَيَزِيدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ وَعُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَيُقَالُ كَانَ فِيهِمْ عبَادَة بن الصَّامِت وذكوان قَالَ بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ أَشْيَاخٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ لَمَّا رَآهُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَنْتُمْ قَالُوا مِنَ الْخَزْرَجِ قَالَ أَفَلَا تَجْلِسُونَ أُكَلِّمُكُمْ قَالُوا نَعَمْ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَعَرَضَ عَلَيْهِمُ الْإِسْلَامَ وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ وَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَهُمْ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ وَكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَكَانَ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ أَكْثَرَ مِنْهُمْ فَكَانُوا إِذَا كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْء قَالُوا ان نَبينَا سَيُبْعَثُ الْآنَ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ نَتَّبِعُهُ فَنَقْتُلُكُمْ مَعَهُ فَلَمَّا كَلَّمَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَفُوا النَّعْتَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لَا تَسْبِقُنَا إِلَيْهِ يَهُودُ فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا وَانْصَرَفُوا إِلَى بِلَادِهِمْ لِيَدْعُوا قَوْمَهُمْ فَلَمَّا أَخْبَرُوهُمْ لَمْ يَبْقَ دُورٌ مِنْ قَوْمِهِمْ إِلَّا وَفِيهَا ذِكْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْمَوْسِمُ وَافَاهُ مِنْهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي البَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ ذَكَرَ مِنْهُ طَرَفًا وَسَيَأْتِي مُطَوَّلًا فِي مَكَانِهِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً الْعقبَة وعنبسة هُوَ بن خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ

الصفحة 220